آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 6:29 م

تجاهل ثلاثة.. انتبه إلى ثلاثة.. لا تضيع وقتك على ثلاثة

سلمان العنكي

يقول المربي المرحوم الخطيب الأستاذ عيسى الحبارة:

”تجاهل ثلاثة، وانتبه إلى ثلاثة، ولا تضيع وقتك على ثلاثة“.

نستعرضها بشرح مختصر:

أولًا: إذا أردت الراحة، تجاهل ثلاثة:

1- سمعت:

نسمع الخير إطراءً، وما أقله، ونسمع الشر نيلاً، وما أكثره.

يصعب الحصر والتمييز بين صدق هذا وكذب ذاك، ويستعصي فهم الحقيقة منه.

ونحن ننشغل طوال نهارنا وليلنا في مجالسنا ومن وراء طاولات مكاتبنا تفكرًا وتحليلاً فيما لنا أو علينا، والراحة في تركه والإعراض عنه، وإن قلنا سلامًا حينها كأننا ما سمعنا.

2- قالوا:

كلنا أهداف لألسن مصوَّبة بسموم نحونا، خصوصًا المجتهد والمصلح والناجح.

إن تابعنا ما يصلنا ويُنقل، نجحوا في هدم بناء مستقبل نسعى لتحقيقه ونأمله وبه نفخر، وانتصروا فيما قصدوه، فخير لنا تجاهلهم.

3- يقولون:

تجار الكلام منتشرون في كل مجتمع، لا نستطيع إحصاءهم، ولا لجم الأفواه أو قطع الألسن وإسكاتها.

متابعتهم تعني توقف عجلة الحياة عندنا خوفًا من أقوالهم.

لِنسترح، ندعهم وما هم فيه حتى يعجزوا.

والمثل الشعبي يقول: ”الحِقران يقطع المصران“، فلا نذهب بأنفسنا عليهم حسرات.

ثانيًا: حتى لا نندم، ننتبه إلى ثلاثة:

1- الوعد عند السعادة:

نشوة الرخاء تُدخل صاحبها في أحلام وردية، تملكه طموحات خيالية تُنْسيه سلبيات ما هو آتٍ، فيعطي وعودًا على حين غفلة، بفكر مشبع بالإغراءات، ولا يعلم صعوبة تنفيذها أو إمكانه تدارك ما فعل.

لذا عليه التركيز قبل الالتزام، ليكون على بيِّنة من أمره. احسبها قبل أن تُحاسب عليها، فتندم.

2- اتخاذ القرار عند الحزن:

البعض يتعجل في اتخاذه بغية التخلص مما هو فيه، ظنًّا أن القادم هو الأحسن دون رويّة.

قد يزيد تصرفك هذا غير المحسوب ما تعانيه، ولو درسته لما وقعت في عواقبه الوخيمة.

لا تقدم على شيء حتى تهدأ نفسُك وجوارحُك، ثم توكّل على الله واتخذ ما عزمت عليه.

3- الرد عند الغضب:

موقف مهم للغاية، الحذر ثم الحذر. كن حليمًا، حكيمًا، عاقلًا إذا غضبت.

لا تتصرف بحماقة وانفعال، لا تُطلقْها، لا تخلعْه، ”وقتها لا تنفع يا ليتني“.

لن تُصلح هذه ما قد مضى، ولا يسهل تصحيح ما أقدمت عليه من خطأ.

كم زلة لسان أهلكت ناطقها وربما أودت بحياته.

ثالثًا: ثلاثة لا تضيع عليهم وقتك أبدًا:

1- التحسر على ما فات، لأنه لن يعود:

أمس انتهى، ذهب بمحاسنه ومساوئه، العمر تصرّمت أيامُه، الشباب رحّله المشيب، ”والعطار لا يُصلح ما أفسد الدهر“، الغالي استقر في قبره ولا رجوع، المال لو كان رزقك ما فاتك، الدراسة تخطتك مراحلها، فلا تلحق يومك بما سبقه، فتضاعف همك وتبقى تعيش حياتك نصبًا.

2- رضا جميع الناس، فإنه لا يكون:

إن أردت إرضاء الجميع لن تتمكن، الخالق ما رضي به كل عباده، الأنبياء لم يحققوا بدعوتهم المطلوب منهم، الحروب ما توقفت، ولن تتوقف مع محاولات الإصلاح، فكيف بك؟

3- مقارنة النفس بالآخرين:

إنها تعني رغبة الوصول لهم في الثراء، والعلم، والمنصب، وهذا يُعجزك.

ما أصابوه ليس من نصيبك، فلا تنشغل بما لا تناله فتحس بالإحباط والفشل.

لو تمعنت لاتّضحَ أنك تفتقر لإمكانات يمتلكونها، أو سُخّرت لهم أشياء حُرمت منها.

أضعت وقتك دون فائدة، وتحملت متاعب في غِنىً عنها، إلا أن تكون نظرتك نحوهم إيجابية للاستفادة من أفكارهم وخبراتهم والآليات التي أوصلتهم، فتُشجّعك، ومع التوفيق، قد تلحق بالركب.

هنا أنت في جهاد، ولكل مجتهد نصيب.

التفاتات قيّمة، وصايا ذهبية نحن بأمسّ الحاجة إليها، لو أخذنا بها لاسترحنا وأرحنا، تحاببنا، ولم نتباغض، ولم نتحاسد، ولم نتباعد.