من أسرار اللغة العربية وفوائدها اللغويّة
عندما نُبحرُ في بحور اللغة العربية، نبحث ونُنقب في بطون القواميس وأمهات الكتب العربية سوف ندرك مقدار جهلنا بلغتنا الأم. نفرح بالقليل الذي تعلمناه ثم ندرك أننا لم نصلْ بعد لأعمق نقطة لسبر أغوار لغتنا وفي كلّ يوم نتعلم أكثر فنعرفُ مقدار جَهْلنا بأسرار اللغة العربية.
إنّ أحاديث اللغة العربية أحاديث قرآنيّة مستمدة من كتاب الله تعالى يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ [الطور: آية 34].
وقد تشرّفتْ اللغة العربيّة بحملها رسالة القرآن الكريم، وحازت التّكريم الإلهي على غيرها من اللغات لذلك نحنُ نستقي البلاغة والبيان والفصاحة من حروف وكلمات وآيات القرآن الكريم.
والمتمعن في آيات القرآن الكريم يرى الفوائد اللغويّة والبلاغية المختلفة التي سوف أذكر بعضا منها.
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: آية 58].
البُهْتان:
هو الكذب بل هو أفحش الكذب.
وسُمّي بالبهتان لأنّه يبهت سامعه، أي: يدهشه ويتحيّر من تصديقه خاصّة عندما يُفترى على المؤمن بذنب عظيم وافتراء جسيم.
يقول القرطبي: «البهتان من البهت، وهو أن تستقبل أخاك بأن تقذفه بذنب وهو منه بريء».
وحكمه: حرام ويعدّ من الكبائر.
إذا تحدثنا عن مُسميات النوم في القرآن الكريم نراها تنوّعت بحسب المدة الزمنية
وإليكم طرفًا من ذلك:
- سِنَة هي مقدمة النوم
قال تعالى: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: آية 255].
- السُّبات نوع من النوم الطويل، يمتد ما بين ساعات وأشْهُر.
«النوم لفترة محدودة»
قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا﴾ [الفرقان: آية 47].
- الرقود النوم لفترة طويلة جدا قد يُفقد فيها الإحساس عند الإنسان ويغيب فيها العقل أو جزء منه.
قال تعالى: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ﴾ [الكهف: آية 18].
- القيلولة: نوم النهار
قال تعالى: ﴿أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ [الأعراف: آية 4].
- الهجوع هو النوم المُتقطّع.
قال تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: آية 17].
هل تعلم أنّ أيد ليست جمع يد في هذه الآية الكريمة:
﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات: آية 47].
وإنّما المقصود بها: القوة، والشدّة.
ومنه قوله تعالى:
﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: آية 17].
”كَانَتْ قُوَّتُهُ عَلَى الْعِبَادَةِ أَتَمَّ قُوَّةٍ؛ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَذَلِكَ أَشَدُّ الصَّوْمِ، وَكَانَ يُصَلِّي نِصْفَ اللَّيْلِ.“ [أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجّاج]
هل تعلم ما المقصود بالسّيارة في القرآن الكريم؟
وردت لفظة سيّارة في القرآن الكريم في المواضع التالية:
﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ﴾ [يوسف: آية 19].
﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾ [المائدة: آية 96].
﴿وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [يوسف: آية 10].
ومعنى سيّارة في القرآن:
- حَشْد من المسافرين، يسيرون على الأرض.
- عدد من النّاس.
- قوم يسيرون معا.
ومنه قوله تعالى: «سار بأهله»
والسيّارة في لهجتنا الدّارجة هي:
اسم آلة للركوب.
أو
هي: مركبة تسير على أربع عجلات من المطاط يدفعها محرك يعمل بوقود من البنزين أو المازوت.
الفرق بين هبوط ونزول.
مرادف هُبوط:
انْحِدَار، انْخِفاض، سُقُوط.
قال الله تعالى:
﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [البقرة: آية 36].
الأمر من الله تعالى لآدم وحواء أن ينزلا إلى الأرض ليقيما فيها ويحطّا ركابهما فوق البسيطة، ويتكبدا المشقة والعناء بالإقامة فيها للأبد.
مرادف نزول:
سُكْنَى، قُطُون، لُبْث، مُكْث، حُلول.
قال الله تعالى:
﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ [المؤمنون: آية 29].
ويجوز لمن سكن بيتًا جديدًا، أو يريد أن يشتري بيتًا أن يدعو الله بهذه الآية الكريمة.
نسأل الله تعالى التوفيق والسداد لخدمة اللغة العربية لغة القرآن الكريم وأن يجعل القرآن ربيع قلوبنا.