كيف يتجنب مرضى السكري مضاعفات خطيرة كفقدان البصر والفشل الكلوي؟

كشف استشاري التغذية السريرية، الدكتور عبدالعزيز العثمان، عن الأهمية البالغة لرفع مستوى الوعي بكيفية التعامل المثلى مع مرض السكري من النوع الأول، مؤكدًا على الضرورة الحتمية لتحقيق توازن دقيق بين جرعات الإنسولين وكمية الكربوهيدرات المتناولة في النظام الغذائي.
جاء ذلك في سياق تحذيره من المضاعفات الخطيرة التي قد تنجم عن غياب الوعي والإهمال في إدارة هذا المرض المزمن.
واستهل الدكتور العثمان حديثه بسرد وقائع مؤثرة لمرضى سكري من النوع الأول تعرضوا لمضاعفات وخيمة، من بينها شابة فقدت بصرها وأخرى في مقتبل العمر تعاني من فشل كلوي وكبدي.
وشدد على أن هذه التبعات المأساوية كان يمكن تلافيها لو توفر الوعي الكافي منذ بداية التشخيص بآليات التعامل الصحيحة مع المرض، خصوصًا فيما يتعلق بالتوازن الدقيق بين الإنسولين والغذاء.
وأوضح الدكتور العثمان الفروقات الجوهرية بين أنواع السكري الثلاثة، مبينًا أن النوع الأول، الذي يصيب الأطفال غالبًا، ينجم عن غياب شبه كامل للإنسولين، مما يمنع الجلوكوز من دخول الخلايا ويسبب ارتفاع سكر الدم وإرهاقًا عامًا، ويستلزم حقن إنسولين خارجي.
وأشار إلى أن النوع الثاني يتميز بوجود الإنسولين ولكن بكفاءة منخفضة أو كميات غير كافية، ويعالج عادة بأدوية تحفز إنتاجه بكفاءة أكبر مع التحكم الغذائي.
أما النوع الثالث، المعروف بمقاومة الإنسولين، فيحدث رغم توفر الإنسولين بسبب خلل في مستقبلات الخلايا يمنع الجلوكوز من الدخول، وغالبًا ما يصيب من يعانون من السمنة أو اضطرابات هرمونية كتكيس المبايض لدى النساء.
وشكل التأكيد على أهمية التوازن بين الإنسولين والكربوهيدرات محورًا رئيسيًا في حديث الدكتور العثمان، حيث حذر من خطورة الاعتماد فقط على رفع الجرعات التصحيحية للإنسولين عند كل ارتفاع في سكر الدم.
وأشار إلى أن هذا الإجراء، الذي يقع فيه الكثير من المرضى وحتى بعض الأطباء، قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
وبدلاً من ذلك، شدد على ضرورة تقليل كمية الكربوهيدرات في الطعام لتتناسب مع الجرعة المقررة من الإنسولين، مما يمنع حدوث الارتفاعات من الأساس.
ووجه الدكتور العثمان نداءً مباشرًا لأطباء السكري، وخص بالذكر أطباء الغدد وأطباء الأطفال، بضرورة إحالة مرضاهم، خاصة الأطفال المصابين بالنوع الأول، إلى أخصائيي تغذية علاجية فور تحديد جرعة الإنسولين.
وأكد أن الحساب الدقيق للكربوهيدرات يعد ركيزة أساسية في العلاج، ولا يمكن تحقيق استقرار مستويات السكر دون هذا التوازن الغذائي المدروس.
ولتسهيل إدارة الغذاء دون تعقيدات حسابية، شرح الدكتور العثمان طرقًا مبسطة لتقدير الكربوهيدرات، موضحًا أن ملعقة الأكل قد تحتوي على حوالي 15 جرامًا من الكربوهيدرات، وملعقة الشاي على نحو 5 جرامات، ويمكن استخدام قبضة اليد أو الأصابع الثلاثة كتقدير بصري للكميات.
وأفاد بأن الوجبة النموذجية غالبًا ما تتكون من حصص، كل حصة تعادل تقريبًا 15 جرامًا من الكربوهيدرات.
وذكر أن النشويات كالأرز والخبز والمعكرونة والفواكه الناضجة تحتوي على أعلى نسب كربوهيدرات ”15 جرامًا للحصة“، بينما الخضروات منخفضة جدًا ”حوالي 5 جرامات للحصة“ وتعد مثالية لمرضى السكري.
وأضاف أن منتجات الألبان كاللبن والزبادي تحتوي على حوالي 12 جرامًا بسبب سكر اللاكتوز، في حين أن اللحوم والدهون والبيض خالية من الكربوهيدرات.
ودعا الدكتور العثمان أولياء أمور الأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول إلى ضرورة التعلم والتدريب الجاد على كيفية احتساب الكربوهيدرات في وجبات أبنائهم. وأكد أن ضبط الجرعات لا يقتصر على دور الأطباء، بل يتطلب متابعة يومية دقيقة من الأهل لضمان استقرار حالة الطفل.
وشدد على أن السيطرة الفعالة على السكري من النوع الأول ليست أمرًا مستحيلاً، ولكنها تتطلب فهمًا حقيقيًا لطبيعة المرض، والتزامًا صارمًا بخطة غذائية مدروسة، بالإضافة إلى تعاون وثيق بين الطبيب والمريض وأخصائي التغذية.
وأكد على أن العلاج لا يتوقف على الإنسولين فقط، بل يعتمد بشكل محوري على التوازن الغذائي والإدراك الواعي لمفهوم الكربوهيدرات وتأثيرها.
وجدد دعوته للمختصين بضرورة تحمل مسؤولياتهم كاملة في تدريب المرضى وذويهم على الحساب التقريبي للكربوهيدرات، وعدم الاكتفاء بوصف الأدوية، مشيرًا إلى أن أي تقصير في هذا الجانب التثقيفي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة كان بالإمكان تجنبها.
?v=CyndIhe4hbc&t=412s