آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 6:29 م

الشيخ صادق المقيلي شمس بلا غروب

الدكتور نادر الخاطر *

القديح تحفر تاريخ 15 مايو 2025 في سجل ذاكرتها؛ اليوم الذي فقدت فيه أحد أعز الرجال على قلبها وقلوب جميع الأهالي: فقيدها سماحة الشيخ صادق المقيلي. فالعالِم «رجل الدين» يوم وفاته يكون يوم ولادة للإنجازات والعطاء.

كان محبًا للناس جميعًا، يستثمر وقته في عمل الخير. الله وحده يعلم كيف قضى أهالي القديح يوم الخميس؛ إذ هبط عليهم خبر رحيل الشيخ أبي طاهر كالصاعقة. أما أغلب الكُتّاب، ممن جفّت محابرهم وقصرَت أقلامهم، فقد أعادوا تعبئة المحبرة وبَرْي رؤوس الأقلام ليكتبوا عن عطاء هذا الرجل العظيم.

لو فتحنا شريط الأحداث، لبدأنا بمبادرات التنمية والإصلاح انطلاقًا من الفريق الجنوبي؛ إذ كان ”ميدان الصواريخ“ يشكّل السوق المركزي للنشاطات الاجتماعية. وكان الشيخ صادق أول من أسس مشروع الزواج الجماعي عام 1991 ميلاديًا، أي قبل 34 سنة. وتميّز بقيادة ديمقراطية في تشكيل فرق العمل والتابعين له، فقد شكّل فرقًا للضيافة، استقبال الضيوف، المراقبة، النظافة، التنظيم، الكشافة، الإسعاف، والفريق المسرحي.

وكان للكاتب شرف العمل تحت قيادة سماحة الشيخ لمدة أربع سنوات ضمن فريق المسرح. ومن خبرته كقائد ديمقراطي في الإدارة، كان يحفز الفريق على إيصال الرسائل الهادفة إلى المجتمع عبر المسرح، وتمكنا من تقديم أعمال راقية ذات أثر إيجابي في معالجة قضايا المجتمع.

مشهد آخر من شريط الذكريات: في موسم الحج، كان الشيخ صادق مرشد قافلة مضر عام 2003 ميلاديًا. وقد جسّد مبدأً جميلًا من الذكاء العاطفي، وهو ”التعاطف مع الحجاج“. فكان إذا اشترى الحاج شيئًا ولم يُعجبه، بادر سماحة الشيخ إلى شرائه منه بنفس السعر. أذكر أني اشتريت ثوبًا لم يكن مناسبًا لي، فاشتراه مني سماحته بنفس الثمن. إدارة جميلة تُجسد الرحمة ومراعاة مشاعر الحجاج.

كما كان له دور كبير في دعم مسيرة التعليم؛ إذ كان شقيقه سعيد المقيلي يدرس في جامعة البترول عام 1993، وكان سماحة الشيخ يزور الجامعة شهريًا في حافلة ”لاين 632“، ويجمعنا في حلقة تعليمية لغرس الثبات على طلب العلم، وكان يحثنا، نحن الجيل الصاعد، قائلًا: ”يجب أن يشبع بفكر الأجداد والآباء، ويحمي القلاع والحصون بدروع الإيمان من الأفكار الدخيلة والاجتهادات المريضة“.

هنيئًا لك حسن الخاتمة التي رزقك الله بها يا أبا طاهر؛ فأنت شمسٌ بلا غروب، ومن عطائك سيحافظ الأجيال على منهجك العلمي، إذ إن منهجك الإداري والأخلاقي حاضر في قلوبنا وسلوكنا دومًا.

نسأل الله لك الرحمة والمغفرة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.