5 متاحف وحرفيون يشاركون في احتفالية ”يوم المتاحف العالمي“ ببيت ثقافة الدمام

احتفى بيت الثقافة بالدمام،، بمناسبة ”اليوم العالمي للمتاحف“، عبر تنظيم فعالية ثقافية ثرية شهدت مشاركة خمسة متاحف سعودية وعدد من الحرفيين والفنانين.
وهدفت الفعالية، التي جذبت عدداً من المهتمين، إلى تعزيز الوعي بالدور الحيوي الذي تلعبه المتاحف في حفظ التراث الإنساني والثقافي، وتوفير تجربة تعليمية وتفاعلية للزوار، بالإضافة إلى تشجيع التفاعل المجتمعي البنّاء مع مختلف أشكال الفن والثقافة.
وعكست المتاحف المشاركة تنوعاً فريداً يبرز ثراء الهوية الثقافية للمملكة؛ حيث قدّم متحف فتحي بن علي التراثي عروضاً مميزة مستوحاة من الطابع البحري العريق للمنطقة الشرقية.
بدوره، استعرض متحف بوردحه ملامح غنية من التراث الشعبي الأصيل، بينما احتضن متحف صالة الدانات بدوحة نوادر قيمة من الأجهزة الموسيقية والسينمائية القديمة والعملات التاريخية.
وعرض متحف الخط الحضاري مجموعة متنوعة من المقتنيات الفنية والتراثية، وقدم متحف النخلة وثائق تراثية نادرة وقطعا ذات أهمية تاريخية.
وشهدت الفعالية أيضاً مشاركة لافتة لعدد من الحرفيين المحليين الذين أثروا الأجواء بإبداعاتهم، من بينهم محمد العسيري الذي استعرض فن شك المسابيح، ومنصور آل مدن في صناعة الخصويات التقليدية، فيما قدمت مريم عسيري وفؤاد إبراهيم أعمالاً فنية وحرفية متنوعة.
وشاركت المدربة منال الغامدي ضمن مبادرة ”أسطول الفن“ التي تهدف إلى نشر الإبداع الفني.
وتضمنت الأنشطة المصاحبة للفعالية عروضًا موسيقية حية قدمها عازفون محليون، الذين أمتعوا الحضور بمزيج من المقطوعات التراثية والمعاصرة في الساحة الرئيسية لبيت الثقافة.
وإلى جانب ذلك، أقيمت فعالية فنية حية شاركت فيها فنانة تشكيلية برسم لوحة إبداعية أمام الجمهور، مع إتاحة الفرصة للأطفال للمشاركة والتفاعل. وتم توثيق الحدث بالكامل عبر عدسات مصورين فوتوغرافيين ومصور فيديو محترف لتوثيق هذه اللحظات الثقافية.
وساهم في تنظيم هذه الفعالية 15 متطوعًا ومتطوعة، الذين حرصوا على تسهيل تجربة الزوار والمشاركين، وتوفير بيئة تفاعلية ممتعة تعكس روح المناسبة وأهميتها.
وفي هذا السياق، أوضح فتحي البنعلي، صاحب متحف فتحي بن علي بدارين، أن مشاركتهم في ”اليوم العالمي للمتاحف“ جاءت من خلال ركن متخصص يُبرز الطابع البحري، نظراً لما تمثله دارين عموماً من إرث بحري عريق وغني.
وقال: ”ركزنا في عرضنا على مهنة الغوص، والحداق، وأنواع المراكب التقليدية، وطرق الصيد المختلفة مثل القراقير والسالية والصيد بالقنبار، بالإضافة إلى أدوات الحضرة وصيانة السفن كعمل القلاف والديرة. وكان الاهتمام الأكبر بما يتعلق بالغوص واللؤلؤ، حيث وفرنا كل ما يمثل هذه المهنة العريقة، مثل صندوق الطواش، والدّيين، والميزان، وأنواع المحار والصدفيات المختلفة.“
وعن المسميات المستخدمة، أشار إلى وجود تقارب كبير في الأسماء مع دول الخليج مثل البحرين والكويت وقطر، بينما تختلف بعض الأسماء في الإمارات وسلطنة عُمان، خاصة في مسميات المراكب وأنواع الصيد.
من جهته، قال ماهر الغانم، مدير متحف الخط الحضاري المرخص من وزارة الثقافة وهيئة المتاحف: ”شاركنا بفخر في فعالية اليوم العالمي للمتاحف ببيت الثقافة، وقدمنا تنوعاً شاملاً من المقتنيات التراثية القديمة التي تعكس جوانب مختلفة من تاريخنا.“
وأضاف: "متحفنا الواقع في حي البحر بمحافظة القطيف، والذي يمتد على مساحة 1500 متر مربع ويتكون من طابقين، يضم أكثر من 25 قسماً وأكثر من 300 ألف قطعة متحفية متنوعة، تشمل الجوانب المحلية والعالمية.
وتابع: نستقبل زيارات منتظمة من المدارس والجامعات ورياض الأطفال، وقد شاركنا سابقاً في فعاليات متعددة مع جهات مثل سايتك، وشركة أرامكو، ومؤسسات تعليمية وصحية أخرى. "
وأكد الغانم أن المتحف يُعد من أكبر المتاحف في المنطقة الشرقية ومن أوائل المتاحف التي حرصت على التوثيق والتطوير المستمر بدعم من الحكومة الرشيدة، مشيراً إلى امتلاك المتحف حفريات وأحجاراً تعود لملايين السنين، إلى جانب قطع تراثية عمرها مئات السنين كشواهد القبور والمطاحن والعملات الأثرية والأسلحة.
وأوضح عبدالله العدياني، صاحب صالة ومتحف الدانات في حي الدوحة بالظهران، أن مقتنيات متحفه تشمل أجهزة قديمة متنوعة مثل مكائن الخياطة، ووثائق تاريخية، وأشرطة كاسيت، وعملات، وهواتف قديمة، والتي تمثل ذكريات عزيزة للجيل القديم.
وقال: ”تشرفت بلقاء كريم حسن الذي زار المتحف واطلع على محتوياته. مشاركتنا في هذا اليوم العالمي مهمة جداً، فهي مناسبة قيمة لنقدم ما نملكه من تراث، ونوصل رسالة ثقافية هادفة للجمهور.“
وعن بداياته في هذا المجال، أشار العدياني إلى أن شغفه بالأجهزة القديمة مثل الاسطوانات والكاتريج كان هو الدافع، ثم تطور الأمر ليبحث عن القطع الأندر، مؤكداً أن رحلته مع هذا الشغف امتدت لأكثر من 45 عاماً، ورغم صعوبة الحصول على بعض القطع سابقاً، إلا أن الكثير منها أصبح متوفراً حالياً.
وكشفت الفنانة منارة الغامدي، مدربة الفنون التشكيلية والأعمال اليدوية، عن سعادتها بالمشاركة قائلة: ”شاركنا في بيت الثقافة ضمن فعاليات اليوم العالمي للمتاحف، بمشاركة نخبة من الرسامين والفنانين.“
وأضافت: ”قدمتُ عدة لوحات فنية، وشارك أيضاً الأستاذ فؤاد إبراهيم بأعمال جبسية ويدوية مميزة، والفنان خالد عسيري بأعمال زيتية، والفنان معتزل الدوسري بلوحات تعكس البيوت الشعبية القديمة. كما قمت برسم لوحة حية عن الطبيعة أمام الجمهور.“
من جانبه، أشار منصور أبو عزيز إلى أنه تشرف بالمشاركة في بيت الثقافة من خلال عرض مقتنيات عائلية قيمة في متحف النخلة، معرباً عن شكره لوزارة الثقافة وهيئة المتاحف وهيئة المكتبات على دعمهم.
وأوضح أن المقتنيات المعروضة تمثل حقبة تجارية هامة من الستينات الميلادية، وتضم صكاً ورقياً نادراً يعود إلى عهد المملكة النجدية وملحقاتها وعمره نحو 100 سنة، بالإضافة إلى دليل هاتف لعام 1976، ودفتر دين يعود لعام 1365 هـ، أي بعد الحرب العالمية الثانية، مؤكداً أن الهدف من المشاركة هو تسليط الضوء على تاريخ المنطقة الشرقية والقطيف تحديدًا من الناحية التجارية.
وكشف الحرفي منصور علي آل مدن، من بلدة الجارودية بمحافظة القطيف، عن ممارسته لحرفة ”سف الخوص“ التراثية منذ أكثر من 45 عامًا، حيث ورث هذه الحرفة عن والدته. واستمر فيها بشغف رغم انقطاعه المؤقت خلال فترة عمله في شركة أرامكو والتي امتدت لـ 25 عامًا.
وقال: ”بعد التقاعد شعرت أن هذه الحرفة بدأت تندثر، فجمعت أفراد العائلة وقلت لهم دعونا نعمل على إحيائها من جديد، ومنذ ذلك اليوم لم ننقطع عنها“، معربًا عن شكره لوسائل الإعلام على دعم هذه الحرفة وللأستاذ ”أبو علي“ على تشجيعه الدائم.
وتأتي هذه الفعالية المتميزة احتفاءً بالدور الحيوي للمتاحف كمراكز حيوية لنقل المعرفة وصون التراث وتعزيز الوعي الثقافي، ضمن رؤية أوسع تسعى لإبراز أهمية الفن والتاريخ في تعزيز الهوية الوطنية وبناء مجتمع واعٍ ومثقف يقدر تراثه ويستلهم منه للمستقبل.