السلام
السلامُ كلمة، رغم شيوع تداولها وسهولة لفظها واعتيادها، إلا أنها تمثل القيمة الجوهرية والمبدأ الأول والأخير لبناء عالمٍ حرٍّ أساسُه الإنسان.
السلامُ كلمةٌ، في أغلب الأحيان، قد تكون عابرة؛ لأنها معتادة لدى الجميع، لكنها لبعض الناس تعتبر فلسفةَ حياة، دونها تعمّ فوضى الحواس، وترتبك معايير التناغم مع البشر والأشياء من حولنا، وتدبّ في حنايا الروح الشكوك حول المسائل الضبابية الشائعة بين الناس، تلك التي تعمل مع الوقت على جنوح الفكر عن الحقائق المطلقة والثوابت الأخلاقية، باعتبارها أنماطاً من الماضي المتخلف والجهل بالمدنية والتحضر؛ إذ إنهم أولئك البعض المسلمون من الناس لا تستقيم حياتهم، ولا يشعرون بقيمة الأمان في حياتهم، دون أن يعتريهم السلام.
حيث أن السلام بالنسبة لهؤلاء البعض، هو مفتاح الحرية الحقة، وبوابة التحرر من كافة أنواع الخضوع لأي منحى يشوبه اللا أخلاقية أو انحراف، فهو بالنسبة لهم ذلك الحصن المنيع للشعور الرفيع بالعزة والكرامة والسمو، غير القابل للمساومة أو التنازل لأجل أيٍّ كان.
فالسلام، رغم رقة المفردة وسلاستها، إلا أنها تخلق في النفس المسالمة قوةً خارقةً وكبرياءً عالياً وتحدياً في وجه الهزليات لا يُقهر ولا يلين.
بناءُ الذات يبدأ بالسلام، وتربيةُ أجيالٍ سويةٍ، متحضّرة، مثمرةٍ علمًا وثقافةً وإبداعًا، تقوم على السلام، وتأسيسُ أسرةٍ قويمة، وتشكيلُ صداقاتٍ سليمة، والتواصلُ مع كافة الناس في أي مجال وتحت أي عنوان، لا يكون إيجابيًا وبنّاءً دون السلام.
السلام، باختصار شديد…
هو استدامةُ التحضرِ الآمن، وجوهرُ أبديةِ الوجود، دونه لا تستقيم الحياة.