خبير طقس: ”البوارح“ تباغت المملكة مبكراً بحرارة وغبار كثيف

كشف خبير الطقس والمناخ، الدكتور خالد الزعاق، عن بداية مبكرة لموسم رياح ”البوارح“ في المملكة هذا العام، مؤكداً أنها تشكل مرحلة مناخية تتميز بثلاث سمات رئيسية وصفها بأنها ”الركائز الأساسية التي يتكئ عليها موسم البوارح“، وهي الحرارة الشديدة، والغبار الكثيف، والجفاف.
وأوضح الدكتور الزعاق أن الرياح التي تشهدها مناطق عدة من المملكة حالياً تُعرف برياح ”البوارح“ الموسمية، لافتاً إلى أن تقدم موعدها هذا العام بحوالي أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع عن المعتاد يُعد أمراً جديراً بالملاحظة.
وعزا هذا التغير إلى تحولات في أنظمة المنخفضات والمرتفعات الجوية على النطاق العالمي.
وأشار الزعاق إلى أن ”البوارح“ عادة ما تبدأ في أواخر شهر مايو، لكنها هذا العام سبقت موعدها لتظهر في فترة ”الكنة“، أي قبل ظهور نجم الثريا الذي يُعرف ببداية ”مربعانية القيظ“، مما يشير إلى تغيرات مناخية في حركة الكتل الهوائية الكبرى.
وأضاف أن تسمية ”البوارح“ تعود إلى طبيعتها حيث ”تبرح الأرض مرحًا“ وتندفع بقوة وسرعة.
وفيما يتعلق بتأثيرات هذه الرياح الموسمية، بيّن الزعاق أنها تبدأ نشاطها مع شروق الشمس وتزداد حدتها خلال فترة الظهيرة، ثم تهدأ وتيرتها نسبياً مع غروب الشمس، مما يؤدي إلى بقاء الأتربة والغبار بكثافة في الطبقات الجوية العليا.
ووصف كيف أن الغبار الكثيف يغطي السماء، جاعلاً قرص الشمس يبدو ”كبيضة بيضاء بلا شعاع“، وهي ظاهرة تُلاحظ حالياً في عدد من مناطق المملكة.
وعن المصدر الجوي لهذه الرياح، ذكر الزعاق أنها تنشأ نتيجة للتفاعل بين منخفض الهند الموسمي ومرتفع الشرق الأوسط، مما يخلق ما أسماه ”نطاق التناطح“.
ويمتد هذا النطاق بين الكويت والعراق وشمال شرق السعودية، مولداً كتلًا غبارية ضخمة تتحرك جنوباً باتجاه المنطقة الشرقية والصمان، وقد تتوغل أحياناً لتصل إلى المناطق الوسطى، وفي حالات نادرة، إلى المناطق الغربية.
كما تطرق الخبير المناخي إلى ظاهرة ”التسعير الذاتي للحرارة“، موضحاً أنها تفسر الارتفاع الحاد في درجات الحرارة. فعندما تصطدم الرياح الحارة بالمرتفعات الجبلية، ترتفع ثم تهبط على سفوح الجبال، مما يؤدي إلى مضاعفة درجة حرارتها.
وضرب مثالاً بأنه إذا كانت الحرارة 15 درجة مئوية، فقد تصل إلى 30 درجة عند هبوطها، وإذا كانت 30 درجة، فمن الممكن أن تلامس 50 درجة مئوية.
وأكد أن المناطق الغربية قد شهدت بالفعل ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة خلال الأيام الماضية نتيجة لهذه الظاهرة، مشيراً إلى أن التأثيرات لا تقتصر على المنطقة الشرقية فقط.
واكد على أن رياح ”البوارح“ ليست ظاهرة جديدة أو طارئة، بل هي جزء معتاد من مناخ المنطقة الموسمي، وتختلف شدتها من عام لآخر، فقد تكون قوية في بعض السنوات وأخف في سنوات أخرى، لكنها سمة صيفية حاضرة.
وشدد على أهمية الوعي المجتمعي بهذه الظاهرة، وضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من تأثيرات الغبار الصحية والتعامل السليم مع درجات الحرارة المرتفعة، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للخطر مثل الأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي.