آخر تحديث: 12 / 6 / 2025م - 9:38 ص

عندما تتلاقى القلوب قبل أن تتلاقى الأندية

عماد آل عبيدان

في ظل التحديات التي تواجه مجتمعنا اليوم، تتجلى الرياضة كمنصة فريدة تجمع بين أبناء الوطن على اختلاف توجهاتهم وتنوع خلفياتهم، فتعكس في لحظات المنافسة أسمى معاني الأخوة والوحدة الوطنية. ومن هذا المنطلق، تأتي أهمية الحفاظ على روح المنافسة الشريفة التي تعزز من الروابط الاجتماعية وتقوي النسيج المجتمعي، بعيدًا عن التعصب والانقسامات التي قد تؤدي إلى تفتت اللحمة الوطنية.

في عالم الرياضة، حيث تتصارع الفرق وتتقاطع المصالح، تبرز أهمية الحفاظ على جوهر المنافسة الذي يتجاوز حدود الفوز والخسارة. في منطقتنا العزيزة، القطيف، التي تحتضن قلوب أبنائها بمودة وتاريخ عريق، تجسد الرياضة لغة التواصل والترابط، لا وسيلة للتفرقة والتعصب.

إن التنافس بين الأندية، سواء كان بين نادي مضر ونادي الخليج أو غيرهما من الفرق العريقة في المنطقة، هو تعبير عن حيوية الشباب وروح التحدي الشريف. ولكن علينا جميعًا، كأبناء هذه المنطقة، أن نرتقي بروح هذه المنافسة إلى مستوى يحفظ وحدة المجتمع ويعزز روابط المحبة بين أبنائه.

لا شك أن الأصوات النشاز التي تحاول فرض ثقافة الاستهزاء والتقليل من شأن الآخر ستظل حاضرة، لكن واجب العقلاء والرياضيين أن يصدحوا بصوت الحكمة والمحبة، وأن يدافعوا عن قيم رياضية سامية ترفض السخرية والاستصغار، وتؤمن بأن الرياضة تنافس شريف يُبنى عليه علاقات متينة لا تنكسر.

لقد نشأت منطقتنا على مبادئ التعاون والتكاتف، ومن هنا تأتي مسؤوليتنا المشتركة في عدم السماح لأي صوت أو تصرف سلبي أن يضعف وحدتنا أو يمس أخوتنا. فالمنافسة يجب أن تبقى داخل الملعب فقط، وتتحول إلى فرص لبناء جسور الاحترام بين الفرق والمجتمعات، لا أن تكون سببًا في توتير العلاقات أو إشعال الخلافات.

وفي كل لقاء رياضي، علينا أن نرفع شعار الفوز للجميع، فالفوز الحقيقي هو المحافظة على علاقات أخوية تليق بتاريخنا العريق وثقافتنا الرفيعة. فمهما اختلفت النتائج، تظل قلوبنا واحدة، ووجهتنا واحدة، هي بناء مجتمع قوي متماسك، قادر على مواجهة التحديات بثقة ومحبة.

إن الرياضة ليست مجرد مباريات وأهداف، بل هي منصة تجمعنا على المحبة والتفاهم، فلتكن روح الرياضة في منطقتنا مثالًا يحتذى به، ولنجعل من المنافسة فرصة لتقوية أواصر المحبة، والحفاظ على وحدة هذا الوطن الكبير، الذي نحبه جميعًا.

في النهاية، الرياضة هي أكثر من مجرد لعبة أو تنافس؛ هي مدرسة تعلمنا التسامح والاحترام، وتعلمنا كيف نكون أخوة قبل أن نكون منافسين. فلنحرص جميعًا على أن تبقى الرياضة في منطقتنا نبراسًا للوحدة والمحبة، ولنعمل معًا من أجل مجتمع يسوده الانسجام ويتغلب على كل ما قد يعكر صفوه، لأن نجاح الرياضة في توحيدنا هو نجاح لنا جميعًا، وامتداد لقيمنا العريقة التي نفتخر بها.