آخر تحديث: 14 / 6 / 2025م - 10:48 م

خبير نفسي: الإفراط في متابعة أفلام الرعب والجرائم يؤدي لاضطرابات سلوكية

جهات الإخبارية

حذّر بروفيسور الطب والعلاج النفسي، الدكتور أحمد بن نايف الهادي، من التبعات النفسية الوخيمة للإفراط في متابعة أفلام الرعب والوثائقيات التي تستعرض الجرائم، مشيراً إلى أن هذا النوع من المحتوى قد يقود إلى تآكل الإحساس بالأمان الفردي ويُضعف الثقة بالمجتمع، فضلاً عن احتمالية تسببه في اضطرابات سلوكية ووجدانية، كالتي من ضمنها التوتر المزمن والشك المرضي.

وأوضح، أن التعرض المستمر لمشاهد العنف والقتل، سواء كانت واقعية أم خيالية، من شأنه أن يغرس في وعي المشاهد، وبشكل خاص لدى النساء، إحساسًا بأن الخطر يتربص بهم في كل مكان وزمان.

وأضاف أن هذا الشعور المزمن بالتهديد يتعارض كليًا مع الإحساس الطبيعي بالأمان، وقد يدفع الفرد إلى فقدان الثقة بالآخرين والعيش في دوامة من التوجس والقلق الدائم.

وبيّن أن بعض المتابعين لهذا النمط من المحتوى قد يظهرون مع مرور الوقت أعراضًا نفسية تشمل العزلة، وتقلبات المزاج الحادة، واضطرابات في النوم، والميل إلى تفسير سلوكيات المحيطين بهم بشكل سلبي أو عدائي، وهو ما يؤثر حتمًا على علاقاتهم الاجتماعية والمهنية.

وأكد الهادي أن هذه التأثيرات السلبية لا تظهر بصورة مفاجئة، وإنما تتراكم تدريجيًا نتيجة التعرض المكثف ولساعات طويلة، لافتًا إلى أن بعض الأفراد قد يمضون مئات الساعات في مشاهدة مثل هذا المحتوى عبر منصات مثل ”يوتيوب“ أو من خلال متابعة متتالية لأفلام الرعب، دون وعي بتأثيره الضار على حياتهم اليومية.

وفيما يتعلق بالحدود الصحية، أشار البروفيسور إلى أنه لا ضير من مشاهدة هذه الأعمال ضمن سياق ترفيهي معتدل لا يخل بتوازن الحياة اليومية للفرد، موضحًا أن الانتباه يصبح ضروريًا إذا ما بدأ هذا التفضيل يؤثر سلبًا على الإنتاجية في العمل، أو التحصيل الدراسي، أو التفاعل الاجتماعي.

وحدد علامات الخطر التي تستدعي القلق في الإفراط بالحذر، والقلق من التواجد في الأماكن العامة، وصعوبات النوم، أو تجنب السفر والمغامرات بسبب مخاوف مرتبطة بالجريمة، مشددًا على أهمية استشارة مختص نفسي عند ظهور هذه العلامات بشكل متكرر وواضح.

وفي معرض رده على تساؤلات محبي هذه الأعمال، أفاد الهادي بأن انجذاب البعض لمحتوى الجرائم قد ينبع من فضول طبيعي أو رغبة في التحليل واكتساب شعور بالسيطرة المعرفية، مؤكدًا وجود من يتابع هذه المواد لأسباب منطقية كالتخطيط أو التسلية الذهنية دون تأثر سلبي.

واستدرك قائلًا إن هذا لا يعمم على الجميع، فالبعض قد ينجرف إلى حالة من الهوس، فيتأثر نفسيًا وسلوكيًا دون إدراك، مشيرًا إلى أن القضية لا تكمن في نوع المحتوى ذاته، بل في كيفية استقباله والتفاعل الفردي معه.

وألمح إلى أن الدراسات النفسية تميز بين تأثير المحتوى الخيالي في أفلام الرعب، والتأثير الأعمق للمحتوى الواقعي في وثائقيات الجرائم والأخبار الحقيقية، موضحًا أن الجرائم الواقعية تترك أثرًا نفسيًا أخطر لارتباطها بأحداث حقيقية قد تثير قلقًا وجوديًا.

وشدد على ضرورة أن يراقب كل فرد أثر المحتوى الذي يستهلكه على حياته، مؤكدًا أن الاعتدال هو السبيل الأمثل.

وأشار إلى أنه إذا لوحظ أن المحتوى المتابع بدأ يغير من المشاعر أو السلوكيات أو النظرة للحياة، فهذا يستدعي التوقف أو طلب المساعدة المتخصصة، مؤكدًا أن الصحة النفسية تتطلب وعيًا ومراجعة مستمرة، وداعياً إلى الاستمتاع بمثل هذا المحتوى باعتدال دون أن يتحول إلى عبء نفسي أو مسبب للعزلة الاجتماعية.