بارقة أمل لمرضى السكري: دواء قديم للإيدز يُظهر فعالية واعدة في تحسين الرؤية

كشفت تجربة سريرية أولية عن نتائج مشجعة لدواء يُعتمد منذ فترة طويلة في علاج فيروس نقص المناعة البشرية ”HIV“، في مجال تحسين الرؤية لدى مرضى السكري المصابين بالوذمة البقعية السكرية، وهي إحدى المضاعفات الخطيرة التي قد تتطور لتؤدي إلى العمى.
ويقدم هذا الدواء، الذي يتم تناوله عن طريق الفم ويتميز بسعره المنخفض مقارنة بالعلاجات التقليدية المتاحة حاليًا، بديلًا محتملًا يتسم بالسهولة والملاءمة للمرضى، مقارنة بالحقن الشهرية مباشرة في العين.
الدواء، المعروف باسم ”لاميفودين“، يُعتقد أنه يساهم في تعزيز القدرة البصرية من خلال تثبيط نشاط الجسيمات الالتهابية التي تلعب دورًا محوريًا في تطور وتفاقم حالة الوذمة البقعية السكرية.
وتشير التقديرات إلى أن واحدًا من كل أربعة عشر شخصًا مصابًا بداء السكري يعاني من اضطرابات بصرية بدرجات متفاوتة، مع وجود أكثر من 37 مليون بالغ مصاب بالسكري في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، مما يعكس حجم المشكلة الصحية.
وفي تفاصيل التجربة السريرية العشوائية الصغيرة التي أُجريت في جامعة ساو باولو الفيدرالية بالبرازيل، تم تقسيم المشاركين المصابين بالوذمة البقعية السكرية إلى مجموعتين.
تلقت المجموعة الأولى دواء ”لاميفودين“، بينما تلقت المجموعة الثانية دواءً وهميًا ”بلاسيبو“. ومن الجدير بالذكر أن كلا المجموعتين بدأتا في تلقي حقن ”بيفاسيزوماب“ في العين ابتداءً من الأسبوع الرابع من التجربة.
وأظهرت نتائج هذه التجربة الأولية تحسنًا ملحوظًا في قدرة المشاركين في مجموعة ”لاميفودين“ على قراءة الحروف على لوحة قياس النظر، وذلك حتى قبل بدء مرحلة تلقي الحقن في العين.
وفي المقابل، لوحظ تراجع طفيف في القدرة البصرية لدى أفراد المجموعة التي تلقت الدواء الوهمي خلال الفترة ذاتها.
وبعد مرور شهر من تلقي الحقن، استمر التحسن في الرؤية بشكل أكبر وأكثر وضوحًا لدى المجموعة التي تناولت ”لاميفودين“.
وفي تعليقه على هذه النتائج، أعرب الدكتور جاياكريشنا أمباتي، المدير المؤسس لمركز علوم الرؤية المتقدمة بجامعة فرجينيا الصحية، عن تفاؤله، مشيرًا إلى أن إمكانية تناول دواء فموي شهري بتكلفة قد لا تتجاوز 20 دولارًا، ويكون قادرًا على تحسين الرؤية بفعالية تقترب من تلك التي يوفرها علاج الحقن في العين الذي قد تصل تكلفته إلى نحو 2000 دولار شهريًا، من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية حقيقية في حياة المرضى وفي نظام الرعاية الصحية على حد سواء.
ومع ذلك، أكد الدكتور أمباتي على أن هناك حاجة ماسة لإجراء دراسات أوسع نطاقًا وذات فترة متابعة أطول لتأكيد هذه النتائج الأولية الواعدة.
ولكنه أعرب عن تفاؤله بأن هذه النتائج تدعم أيضًا تطوير تركيبات علاجية جديدة ومبتكرة قد تجمع بين دواء ”لاميفودين“ والعلاجات الحالية المستخدمة، لتعظيم الفائدة العلاجية.
وفي هذا السياق، كشف الدكتور أمباتي أن فريقه البحثي قد طور بالفعل نسخة محسنة من ”لاميفودين“ أُطلق عليها اسم ”K9“.
وتعمل هذه النسخة الجديدة على تثبيط العمليات الالتهابية بفعالية، مع تجنب الأعراض الجانبية المحتملة التي قد تصاحب استخدام الدواء الأصلي. وتخضع هذه النسخة المحسنة حاليًا لتجارب سريرية لتقييم سلامتها وفعاليتها بشكل كامل.
يُذكر أن هذا البحث الحديث يتماشى مع اكتشافات سابقة توصل إليها الدكتور أمباتي وفريقه، والتي أشارت إلى أن بعض أدوية فيروس نقص المناعة البشرية قد تمتلك القدرة على تقليل مخاطر الإصابة بأمراض أخرى مثل مرض الزهايمر، ومرض السكري نفسه، والتنكس البقعي المرتبط بالعمر.
ويعزز هذا التوجه أهمية توظيف علم البيانات الضخمة وتحليلها في اكتشاف استخدامات جديدة للأدوية القائمة وتطوير علاجات مبتكرة لمختلف الأمراض.
ونُشرت نتائج هذه الدراسة الواعدة في مجلة ”Med“، وهي المجلة السريرية المرموقة التابعة لمؤسسة ”Cell Press“، وتم دعم البحث من قبل المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية وصندوق الاستثمار الاستراتيجي لجامعة فرجينيا.