قواعد كتابة التاريخ
كتابة التاريخ تساعد في الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للأمم والمجتمعات.
والمؤرخون، دون غيرهم، يملكون القدرة على التأثير في ماضي وحاضر ومستقبل المجتمعات بكل أشكالها. وبيدهم صياغة القرارات السياسية والاجتماعية من خلال إشاعة فهم السياق التاريخي للأحداث والتأثير على صناع القرار.
تأثيرات ضخمة ومهمة في مجالات متعددة من الحياة حدثت وما تزال تحدث بسبب التلاعب المتعمد بالحقائق التاريخية، سواء كان ذلك من خلال تحريف الأحداث، أو إخفاء معلومات هامة، أو اختلاق روايات غير صحيحة. ولعل التلاعب بالتاريخ ساهم في إضعاف الثقة به كعلم يُعتدّ به، وتُقام عبره الحجج والبراهين.
لقد مرّت العديد من الدول والكيانات والمجتمعات بمنعطفات تاريخية خطيرة كادت أن تعصف بها، وتغيّر ملامحها، وتُشوّه مستقبل وجودها. فعلى مرّ التاريخ، تم طمس العديد من المعالم والحقائق التاريخية لأسباب مختلفة، وتبقى أمثلة التزوير في التاريخ عبر الأزمنة شاهدة على حقيقة أن التاريخ لا يرحم.
فكم من مدوّنٍ للتاريخ ومفكّرٍ كتبوا تاريخ الأحداث وفق تقاطعات ودوائر تحدّ من حركة أقلامهم وتحليلاتهم، فقد كُتب التاريخ بلسان القوي، وفي العصر الحديث، سيطرت على كتابته الآلات الإعلامية والمنابر السياسية.
اختلف الناس حول حقيقة الشواهد التاريخية المتواترة، والتي بُنيت عليها العديد من الدراسات المهمة والقرارات المصيرية الكبرى. وسعى الباحثون عن الحقيقة إلى ملاحقة المصادر، وانكبّ آخرون على تحليل ودراسة علم الإنسان باعتباره المرجعية التاريخية الوحيدة الموثوقة لكتابة التاريخ.
الشعراء، والأدباء، والخطباء، والكتّاب هم بوابات ونوافذ يمكن من خلالها قراءة التاريخ.
والتاريخ، الذي بُني على الماضي، يُستند إليه في بناء المستقبل والاستراتيجيات والبرامج للمجتمعات وللأفراد، ولذلك فإن المصداقية والتحقّق من الأحداث يُعدّان أمرين ضروريين من أجل تفادي الآثار المترتبة على المغالطات والتزوير في الوقائع.
ومن منطلق المسؤولية المجتمعية، يجب على الكتّاب والأدباء والمؤلفين تحرّي الدقة والموضوعية، والاعتماد على مصادر متنوعة ومتعددة للحصول على صورة شاملة للأحداث التاريخية.
وعلى المؤرخ أن يبذل جهده حتى لا تؤثر فيه الضغوط الخارجية أو التحيزات والآراء الشخصية على دقة المعلومات ونقل المشاهد.
فكتابة التاريخ الموثوق بها تتطلب الالتزام بعدة قواعد لضمان الدقة والمصداقية، مثل:
• الاعتماد على المصادر الأولية، ك: الوثائق الأصلية، الرسائل، اليوميات.
• الرجوع إلى المصادر الثانوية، ك: الكتب والمقالات التي تحلل أو تلخص الأحداث.
• التحقّق من المعلومات، وتجنب الاعتماد على الشائعات أو المعلومات غير المؤكدة.
• الحياد، وتجنّب التحيز الشخصي.
• التوثيق الكامل، كالتالي:
- في الكتب: اسم المؤلف، عنوان الكتاب، دار النشر، سنة النشر.
- في المقالات: اسم المؤلف، عنوان المقال، اسم المجلة، رقم المجلد، الصفحات، سنة النشر.
- في المصادر الإلكترونية: اسم المؤلف، عنوان المقال أو الصفحة، رابط URL, تاريخ الاطلاع.
• استخدام نظام توثيق مناسب.
• اتباع التحليل والتسلسل الزمني لسرد الأحداث.
• اعتماد لغة واضحة ومباشرة في الأسلوب والطرح.
إن ارتباط التاريخ بالماضي لا ينفي صلته وسيطرته على المستقبل، فالتاريخ يبقى أداة قوية لفهم الحاضر وبناء المستقبل.