الرقابة المجتمعية وأثرها في استقرار المؤسسات وازدهار المجتمعات
لا شك أن وعي المجتمع يشكل أساسًا مهمًا في بناء مؤسسات قوية وفعّالة، ولا يكتمل هذا الوعي دون وجود رقابة مجتمعية واعية تتابع أداء المؤسسات وتقيّم أعمالها.
تلعب الرقابة المجتمعية، سواء عبر الإعلام أو مؤسسات المجتمع المدني أو حتى من خلال المواطنين أنفسهم، دورًا في تعزيز الشفافية والمساءلة. فالمجتمعات التي تراقب مؤسساتها وتُسائل المسؤولين تنجح في الحد من الفساد وسوء الإدارة. وعلى العكس، عندما تغيب الرقابة أو تتراخى أو تزداد فيها المجاملة، يصبح الطريق ممهّدًا للأخطاء والتجاوزات، مما يؤدي إلى تدهور الخدمات، وضياع الحقوق، وتفشي الفساد، وبالتالي ضعف ثقة الناس بالمؤسسات.
أمثلة كثيرة تثبت أن المجتمعات التي قام أفرادها بلعب دور رقابي فعّال، حققت نموًا واستقرارًا أكبر. في المقابل، فشلت مجتمعات أخرى بسبب غياب الوعي الرقابي، والاعتماد على القرارات دون مراجعة أو محاسبة.
ونحن، والحمد لله، في دولة قانون وضعت أنظمة كثيرة للرقابة، ومن ضمنها تطبيق معايير الحوكمة في المؤسسات المجتمعية كالجمعيات والأندية الرياضية، مما يسهل دور الرقابة والشفافية فيها، بشرط تطبيق هذه المعايير بشكل احترافي، وليس ورقيًّا. كما أن الدولة أقرت مكافآت ضخمة لمن يطبق هذه المعايير، لتشجيع المؤسسات على العمل المؤسسي المنظم الشفاف.
نتساءل هنا: هل مجتمعاتنا قادرة على الوقوف في وجه إدارات المؤسسات بطرق نظامية وحضارية، أم تستكمل دورها فقط بالمجاملة والوقوف سلبيًّا في انتظار انهيار مؤسساتها؟
أخيرًا، الرقابة المجتمعية ليست رفاهية، بل ضرورة. فوعي المجتمعات بواجبها في المتابعة والمساءلة هو الضامن الأول لاستمرار التنمية وتحقيق العدالة. المؤسسات تنجح حين تشعر أنها تحت أنظار الناس، وتفشل حين تعمل في الظل.