الترتيب الزمني لتشكل كواكب النظام الشمسي
بقلم كريستوفر بالما، أستاذ علم الفلك والفيزياء الفلكية، ولوكاس بريفكا، طالب دكتوراه، جامعة ولاية بنسلفانيا
In what order did the planets in our solar system form?
May 19,2025
هل الكواكب في النظام الشمسي «المجموعة الشمسية» الأقرب إلى الشمس أقدم عمرًا من تلك البعيدة؟
سؤال طرحه صبي اسمه غافرييل، عمره 10 سنوات، من ولاية كنتاكي.
سحابة من الغاز المنهار شكّلت شمسنا، وهي أول ما تشكّل في نظامنا الشمسي، وذلك قبل حوالي 4,5 مليار سنة. [سُحب الغاز المنهارة تشير إلى العملية التي تتعرض فيها سحابة من الغاز والغبار للانهيار الثقالي - بفعل الجاذبية - مما يفضي إلى تكوين أنوية كثيفة تؤدي في النهاية إلى ظهور نجوم أو أنظمة نجمية - كالنظام الشمسي [1] [2] .]
ثم بدأت الكواكب بالظهور، حيث تحوّلت المليارات من جزيئات الغاز والغبار المتبقية من تشكّل الشمس إلى قرص مسطّح، عُرف بالقرص الكوكبي الأولي «أو قرص كوكبي دوّار من الغازات الكثيفة والغبار» [3] [4] .
كان هذا القرص الكوكبي ضخمًا، يحيط بالشمس، ويمتد لعدة مليارات من الأميال.
داخل هذا القرص، بدأت جزيئات الغاز والغبار بالتصادم والتصلب والالتصاق ببعضها بعضًا، كما تتكتّل رقاقات الثلج لتشكّل كرات ثلجية.
ومع استمرار التصاق الجسيمات، أصبحت الحبيبات المجهرية أجسامًا بحجم الحصاة «تتراوح في الحجم بين 4 - 64 مم، بحسب التعريف» [5] ، ثم نمت أكثر فأكثر.
أصبح بعضها صخورًا بحجم كرات البيسبول «229 - 235 مم»، وبعضها الآخر بحجم بيت، وبعضها بحجم كوكب.
هذه العملية، التي تُسمى التنامي [وهو في علم الفلك نمو جرم سماوي بجذب مزيد من المواد من حوله، خاصة المواد الغازية والغبار في قرص التنامي، وهو قرص رقيق من الغاز والغبار حول النجم، يشبه في ذلك حلقات زحل] [6] [7] ، نتج عنها كل شيء في النظام الشمسي: الكواكب، والأقمار، والمذنبات، والكويكبات.
تستطيع التلسكوبات رؤية ولادة أنظمة شمسية جديدة [8] ، تُعرف بالنجوم الأولية [9] . هذه صورة لقرص كوكبي أولي حول نجم بعيد في مجرة درب التبانة.
بدراسة النماذج الحاسوبية ومراقبة تكوّن أنظمة نجمية أخرى «وهي مجموعات صغيرة من النجوم تدور حول بعضها وترتبط بالجاذبية» [10] ، عرف علماء الفلك، بمن فيهم أنا [كلام البروفيسور كريستوفر بالما Christopher Palma] [11] ، الكثير عن البدايات الأولية لنظامنا الشمسي.
عندما كانت الشمس لا تزال في طور التشكّل، وكان القرص الكوكبي الأولي [3] يُكوّن الكواكب، كانت هناك مسافة من الشمس باردة بما يكفي لتجمّع الجليد.
كان هذا المكان يُعرف بخط الجليد - ويُسمى أحيانًا بخط الثلج [12] [13] - وكان يقع فيما يُعرف الآن بحزام الكويكبات [14] ، بين المريخ والمشتري.
في وقتنا الحالي، بالطبع، يوجد جليد على كل كوكب تقريبًا، حتى على عطارد «أقرب الكواكب إلى الشمس» [15] .
لكن حين كانت الشمس في طور التشكل، كانت الكواكب الأولية الفتية الواقعة خلف خط الجليد فقط باردة بما يكفي لتكوين الجليد.
الجليد والغاز والغبار، بعد اصطدامها ببعضها بقوة، تراكمت على مدى ملايين السنين في أجرام هائلة، وأصبحت في النهاية كواكب عملاقة:
المشتري «الكوكب الخامس»،
وزحل «السادس»،
وأورانوس «السابع»،
ونبتون «الثامن والأبعد».
في الوقت نفسه، كانت كواكب أصغر داخل خط الجليد تتشكل أيضًا، لكن بسبب قلة المواد الخام «الغازات» التي تحتاجها، استغرق تشكل كواكب عطارد، الزهرة، الأرض، والمريخ وقتًا أطول بكثير.
يُعتقد اليوم أن كوكبي المشتري وزحل، أكبر الكواكب، كانا أول من تشكّل بالكامل [16] ، في غضون ملايين قليلة من السنين.
ثم جاء بعدهما أورانوس ونبتون، اللذان تشكّلا في غضون 10 ملايين سنة.
أما الكواكب الداخلية، بما فيها الأرض، فقد استغرق تشكّلها 100 مليون سنة على الأقل، وربما أكثر.
بعبارة أخرى، الكواكب الأربعة الأقرب إلى الشمس «عطارد، الزهرة، الأرض، والمريخ» هي الأحدث سنًا من حيث التشكل.
أما الكوكبان الأكثر بعدًا عن الشمس «نبتون وأورانوس» فهما أقدم نسبيًا، ويأتي المشتري وزحل في المرتبة الأولى من حيث الأقدمية.
ربما يبلغ فارق العمر بين أحدث الكواكب وأقدمها 90 مليون سنة.
قد يبدو هذا الرقم هائلًا، لكنه على المستوى الفلكي يمثل أقل من 1% من إجمالي عمر الكون [17] [18] .
ولتقريب الفكرة: تخيّل الأرض أختًا صغيرة لكوكب المشتري الذي يكبرها بسنتين أو ثلاث.
تم التقاط هذه الصورة بواسطة تلسكوب هابل الفضائي في عام 2019، وهي تُظهر كوكب المشتري، الكوكب الخامس من حيث البعد عن الشمس.
بعد فترة وجيزة من تشكّل الكواكب العملاقة، بدأت بالهجرة، إمّا باتجاه الشمس أو بعيدًا عنها، قبل أن تستقر أخيرًا في مداراتها النهائية.
على سبيل المثال، هاجر نبتون مبتعدًا عن الشمس، متبادلًا موقعه مع كوكب أورانوس [19] ، ودافعًا العديد من الأجسام الجليدية الصغيرة إلى حزام كايبر [20] - المنطقة التي تضم كواكب قزمة مثل بلوتو، إيريس، ماكيماكي، وملايين المذنبات [21] .
في المقابل، تحرّك المشتري نحو الداخل.
وأجبرت جاذبيته الهائلة بعض الكواكب على الاقتراب من الشمس، فتفكّكت وتلاشت.
كما قذف بعض الصخور الصغيرة خارج النظام الشمسي تمامًا، وذهب الباقي إلى حزام الكويكبات [22] .
لكن الأهم من ذلك، أنه مع استقرار المشتري في مداره، حرّك جميع الأجرام التي كانت في طور التكوين، ومن المحتمل أنه هو من حدد موقع الكواكب الداخلية، بما فيها الأرض [23] .
ساهمت كل هذه الحركات في وضع كوكب الأرض ضمن ”النطاق الصالح للحياة“ [24] ، وهي منطقة تقع على بُعد مناسب من الشمس، حيث يمكن أن توجد مياه سائلة على سطح الكوكب، مما يجعل الحياة ممكنة.
ولو لم يتشكل كوكب المشتري بهذه الطريقة، فقد لا تكون الحياة على الأرض قد نشأت، وربما لم نكن لنوجد على سطحها اليوم.