”صخرة الرحيل“.. كيف عُثر على جثمان الطفل فيصل في نهر تركيا؟

أسدل الستار، اليوم السبت، على فصل مأساوي من فصول البحث والأمل، بالعثور على جثمان الطفل السعودي فيصل رمزي آل الشيخ، بعد ستة أيام من اختفائه في مياه نهر ”هالدزن“ بولاية طرابزون التركية.
وتشبث جثمانه الصغير بصخرة ضخمة في عمق أحد المنحدرات النهرية، وكأنه يرفض الرحيل بصمت، منهيًا بذلك رحلة انتظار مضنية عاشتها أسرته والمجتمع السعودي، على أمل عودته حيًا.
وأعلنت فرق البحث والإنقاذ التركية صباح اليوم عن نجاحها في انتشال جثمان الطفل، بعد جهود حثيثة ومتواصلة منذ السادس والعشرين من مايو الجاري، تاريخ سقوطه المفاجئ في مجرى النهر العنيف أثناء تواجده في حي ”ديميركابي“ التابع لمنطقة ”تشايكارا“.
وتبيّن أن جسد الطفل ظل عالقًا خلف صخرة كبيرة، بعد أن جرفه التيار المائي لمسافة تقارب مئتي متر، قبل أن تتمكن فرق الإنقاذ من تحرير الصخرة وإخراج الجثمان في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا بالتوقيت المحلي.
وكانت عمليات البحث قد واجهت صعوبات جمة جراء غزارة المياه وقسوة التضاريس الصخرية، واستخدمت فيها فرق الإنقاذ الزوارق الصغيرة والكلاب المدربة وطائرات استطلاع، قبل أن ينجحوا في اليوم السادس بتعقب مصدر التيار الذي أدى لموقع الجثمان.
وأفاد المنقذون بأن وجود الجثمان خلف الصخرة الضخمة عند المنحدر الحاد أخّر التعرف عليه، واستلزم الأمر جهودًا كبيرة لتحريره بلطف.
وعقب انتشال الجثمان، كان في استقبال فرق البحث فريق إسعاف تابع للهلال الأحمر التركي، حيث وُضع في براد تبريد مجهز، وسط مشهد يعتصره الألم لأسرة الطفل التي تابعت اللحظات الأخيرة.
وانتقل المدعي العام إلى موقع الحادث لإجراء المعاينة واستكمال الإجراءات القانونية، وأمر بنقل الجثمان إلى ”مركز الطب العدلي“ في مدينة طرابزون لإعداد تقرير الطب الشرعي وتحديد أسباب الوفاة بدقة.
وفي تفاعل رسمي ودبلوماسي مع الحادث الأليم، أصدرت ”ولاية طرابزون“ بيانًا أعربت فيه عن بالغ الحزن والأسى، وشكرت كافة الفرق المشاركة في عمليات البحث.
وأجرى والي طرابزون، السيد عزيز يلدريم، اتصالًا هاتفيًا مع سفارة المملكة العربية السعودية في أنقرة، لإبلاغها بالمستجدات ونقل تعازيه الحارة لأسرة الطفل، مؤكدًا وقوف تركيا إلى جانب المملكة ومتابعة شؤون الحادث بالتنسيق مع السلطات السعودية.
من جانبها، أعربت السفارة السعودية بتركيا عن شكرها للجهات التركية المعنية على جهودها، وطالبت بمتابعة جميع الإجراءات القانونية والبحثية للتأكد من ملابسات ما حدث، ونقل جثمان الطفل إلى المملكة لاستكمال مراسم الدفن.
وقد تركت هذه المأساة آثارًا إنسانية عميقة في حي ”ديميركابي“، الذي تحول إلى بؤرة حزن، فيما عبر والد الطفل عن شكره لفرق الإنقاذ والسلطات التركية، مؤكدًا رضاه بقضاء الله وقدره رغم فداحة المصاب.
ويشتهر نهر ”هالدزن“ بتدفقه القوي وضفافه الوعرة، ما يشكل تحديًا حتى للمتمرسين، وقد استعصى تعقب مسار الجثمان في الأيام الأولى نتيجة تغير مجرى المياه بفعل قوة السيول.
وينتظر أن يُجرى تشريح الجثمان وفق البروتوكولات المعتمدة، بما في ذلك فحص العينات المأخوذة من الرئتين ومناطق أخرى، للتثبت من أسباب الوفاة بدقة قبل تسليم الجثمان لذويه.