آخر تحديث: 8 / 6 / 2025م - 12:41 ص

رفعتُ يديّ داعيةً

سوزان آل حمود *

الحج، فريضة عظيمة ومناسك مقدسة، تمثل رحلة الروح إلى بيت الله الحرام. إنها فرصة للتوبة والمغفرة، ووسيلة للتقرب إلى الله. ولكن، قد تواجه الكثيرين معوقات تحول دون ذهابهم إلى مكة. فقد تكون الأسباب صحية، مالية، أو حتى ظروف حياتية غير متوقعة.

وهنا استعرض معكم قصة قبل عام حيث واجهت مرضًا حال بيني وبين أداء فريضة الحج، شعرت بأن هذه منحة وليست محنة من رب العباد وإشارة، فحولت محنتها إلى منحة،

فبدلاً من الاستسلام لليأس، قررت أن أهب حجتي لسيدة أخرى كانت في أمس الحاجة إلى هذه الفرصة، لكنها لم تكن قادرة على تحمل تكاليف الحج.

هذه السيدة، بعد أن أدت مناسكها، كانت تدعو لي بالشفاء، معتبرةً أني سبب في تحقيق حلمها. وفي أثناء طوافها حول الكعبة، رفعت يديها بالدعاء، ولم تدرِ أنها ستشهد لحظة غير متوقعة. وقعت عيناها على رجل آخر رافعا يديه أيضاً بالدعاء، لكنه دخل قلبها وفي سرّها، تمنت أن يكون هذا هو زوجها المستقبلي.

الدعاء هو وسيلة للتواصل مع الله، وقد يحمل في طياته استجابة غير متوقعة،

بعد انتهاء مناسك الحج، عادت السيدة محملة بالأمل والتفاؤل، موقنة بأن الله سيحقق أمانيها ويغفر ذنوبها.

كانت حسنة النية عاملت الله بإخلاص وسداد، وتوجهت بقلبها إليه بأفضل ما يكون، وصححت النية في كل فعل وقول.

ما هي المفاجأة التي تنتظرها؟!

بعد مرور ثمانية أشهر، تلقت والدة السيدة اتصالاً من خطابة، تخبرها أنها قد وجدت لابنتها زوجًا مناسبًا. وعندما جاء هذا العريس، كانت المفاجأة الكبرى؛ إنه نفس الرجل الذي رأته في بيت الله، والذي تمنت أن يكون شريك حياتها.

لم يكن من منطقتها، بل جاء من منطقة أخرى، مما جعل القصة أكثر إعجازًا. سبحان الله، ما أعظم كرمه!

وإذا بها ترسل لي رسالةً تخبرني بذلك وتقول لي ابشري وسري خاطراً فالله سبحانه قبل حجتك وقصت لي ما حدث، وأنها تم عقد قرانها وهي سعيدة بذلك.

هذا الخبر سرني جداً.

تبحث عن السعادة في أمور الدنيا، فلن تجدها إلا مع الله، وكلما كنت أقرب من الله زادت سعادتك، وإن قلّ ما تملكه من هذه الحياة.

اللهم اجعل السعادة تملأ قلوب من نحب وأكرمهم بالرضا والسرور واغمر حياتهم بالوفرة والخير واهدِهم إلى كل طريق يُقرّبهم منك.

ختامًا

قصة هذه السيدة تبرز لنا كيف يمكن للإيمان والنية الصادقة أن تجلب لنا ما نتمنى، وكيف يمكن للخير الذي نقدمه للآخرين أن يعود علينا بمكافآت عظيمة. حجتها كانت سببًا في تحقيق حلمها، مما يذكرنا بأن الأعمال الصالحة تُثمر، وأن الله دائمًا يكرم من يسعى لرضاه.

فلنرفع أيدينا بالدعاء، ولنجعل نوايانا صادقة، ولنتذكر دائمًا أن لكل منا دورًا في مساعدة الآخرين، فقد تكون هذه المساعدة مفتاحًا لفرج قريب.

ولا ننسى دور العمل الصالح والإيمان في حياة الإنسان، وكيف يمكن أن تأتي البركات من حيث لا يحتسب.

حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا وعودة ميمونة إن شاء الله لحجاجنا الأكارم. تقبل الله أعمالكم وأعادكم إلى أهلكم سالمين غانمين يا حجاج بيت الله،

وكل عام وأنتم بخير.