خبيرة نفسية: اضطراب الشخصية الحدية نتاج طفولة قاسية.. والعلاج الجدلي هو الحل

حذّرت الأخصائية النفسية فاطمة آل سعيد من خطورة تجاهل اضطراب الشخصية غير المستقرة عاطفياً، المعروف باضطراب الشخصية الحدية، مؤكدة أنه يُعد من أكثر الاضطرابات النفسية تعقيداً، نتيجة المزج بين الاستعداد الوراثي وبيئة طفولة مضطربة تفتقر إلى الأمان العاطفي.
وبيّنت آل سعيد، خلال مشاركتها في بودكاست ”أصدقاء تعزيز الصحة النفسية“، أن هذا الاضطراب يُلقي بظلاله القاتمة على العلاقات الشخصية والمهنية للمصابين به، بسبب حالة الفوضى الشديدة في مشاعرهم، وتقلباتهم المزاجية المتكررة التي قد تحدث عدة مرات في اليوم الواحد.
وأوضحت أن هذا النمط يختلف جذرياً عن اضطراب ثنائي القطب، الذي يتسم بنوبات أطول وأكثر استقراراً نسبياً.
ووصفت الأخصائية النفسية المصابين بهذا الاضطراب بأنهم ”كائنات لطيفة دفعتهم الظروف القاسية إلى المعاناة“.
وأشارت إلى أن جذور المشكلة غالباً ما تعود إلى بيئة أسرية مليئة بالتوتر، سواء نتيجة الانفصال أو العنف أو الإهمال، إضافة إلى ضعف العلاقة مع الأم، التي تشكل في الطفولة المصدر الأساسي للأمان والتوازن النفسي.
وأكدت أن الأطفال الذين نشؤوا في بيئات غير مستقرة قد يواجهون صعوبة في فهم مشاعرهم أو التنبؤ باستجابات من حولهم، خصوصاً حين تتم مكافأتهم ومعاقبتهم على السلوك نفسه في مناسبات مختلفة، ما يعزز لديهم الشعور بعدم الأمان ويؤسس لاضطراب مستقبلي في الشخصية.
وفيما يتعلق بالعلاج، سلطت آل سعيد الضوء على ”العلاج السلوكي الجدلي“ ”DBT“ باعتباره من أنجح الأساليب النفسية المخصصة للتعامل مع اضطراب الشخصية الحدية، موضحة أنه يعتمد على مبدأ ”الجدل“ القائم على الجمع بين القبول والتغيير، حيث يتعلم الفرد تقبل مشاعره المؤلمة بدلاً من مقاومتها، ما يمثل نقطة انطلاق للتغيير الحقيقي.
وأضافت أن العلاج يرتكز على تعليم أربع مجموعات من المهارات الأساسية التي لم يتعلمها المريض في طفولته، وهي: مهارات اليقظة الذهنية لكبح الاندفاع والعيش في اللحظة، وتحمل الأزمات دون إيذاء الذات، والفعالية في العلاقات الشخصية، وتنظيم المشاعر.
وأكدت أن خطة العلاج تبدأ دائماً بمعالجة السلوكيات عالية الخطورة، وعلى رأسها الميول الانتحارية، قبل الانتقال إلى الصدمات النفسية وتحسين جودة الحياة، مشددة على أن الشفاء رغم صعوبته ممكن، ويتطلب من المصاب تجاوز دور الضحية وتحمّل مسؤولية التغيير لبناء حياة أكثر استقراراً ونجاحاً.
?si=E6rE40FnMSKkDHfk