طلاق كبار السن.. 23 ألف امرأة فوق الـ 65 أنهين حياتهن الزوجية خلال عام

كشف الأخصائي الاجتماعي فؤاد المشيخص عن تزايد ملحوظ في حالات الطلاق بين كبار السن، في ظاهرة اجتماعية بدأت ترسم ملامح جديدة للبنية الأسرية في المجتمع.
وأوضح المشيخص أن الإحصائيات الرسمية تدعم هذه الملاحظة، حيث سجلت الهيئة العامة للإحصاء لعام 2022 وحدَهُ طلاق ما يقارب 23 ألف امرأة سعودية تجاوزن سن الخامسة والستين.
وأكد خلال استضافته في بودكاست ”أصدقاء تعزيز الصحة النفسية“ أن نسب الطلاق بين من تزيد أعمارهم عن 35 عامًا تتجاوز بثلاثة أضعاف مثيلاتها في الفئات العمرية الأصغر، ما يشير إلى تحول نوعي سلبي يستدعي وقفة تأمل ودراسة معمقة.
وأعاد المشيخص هذه الظاهرة إلى ما أسماه ”تراكمات عشرات السنين“، حيث تصل المرأة إلى مرحلة من الإشباع في العطاء والتنازل دون مقابل، وبعد أن يستقل الأبناء، تُعاد مراجعة العلاقة الزوجية بناءً على واقع جديد يخلو من الدوافع السابقة للصبر. في هذه اللحظة، تختار العديد من النساء الطلاق كوسيلة أخيرة لاستعادة الكرامة والهوية الذاتية.
وأشار إلى أن الشعور بالغبن والظلم الذي يتراكم بصمت على مدى عقود ينفجر في النهاية، دافعًا المرأة إلى اتخاذ قرار الانفصال كحل أخير لاستعادة ذاتها وكرامتها.
وبيّن أن كثيرًا من هذه الزيجات بدأت منطلقاتها على أسس هشة، كالمظهر أو الإكراه الاجتماعي، لا على التوافق الفكري أو القيمي، ما يؤدي مع مرور الوقت إلى فجوة تتسع تدريجيًا، خاصة عندما يُقيَّد دور المرأة وتُمنع من تطوير ذاتها مهنيًا واجتماعيًا.
هذه العوامل، وفق تعبيره، تُفضي إلى حالة من ”الذبول الداخلي“ تدفع نحو الانفصال المؤجل.
وسلّط الضوء على ما وصفه بـ ”الحق المكتسب الزائف“، حيث تقدم المرأة في بدايات حياتها الزوجية تنازلات مادية أو معنوية تتحول لاحقًا إلى التزام دائم في نظر الزوج. مما يجعل أي محاولة من جانبها لاستعادة حقوقها بمثابة هجوم يستدعي أقسى ردود الفعل.
وذكر مثالًا لطبيبة أدارت راتبها لصالح زوجها على مدى 25 عامًا، لتكتشف في النهاية فقدانها للاستقلال المالي، وحين طالبت باستعادته، كان الطلاق هو النتيجة الحتمية.
وأكد المشيخص أن تبعات هذا النوع من الطلاق لا تقتصر على الزوجين، بل تمتد لتلقي بظلالها الثقيلة على الأبناء البالغين وأسرهم، فتتأثر علاقاتهم وتتزعزع نظرتهم للارتباط الأسري.
ودعا المقبلين على قرار الانفصال في سن متقدمة إلى ضرورة دراسة ”خريطة ما بعد الطلاق“ بكل أبعادها الاجتماعية والنفسية والمادية، لتجنب الدخول في صدمات قد تكون أقسى من واقع الزواج الذي هربوا منه.