الشيخ أبو زيد: أزمة هوية معاصرة تفتح باب الاغتراب.. والحل يبدأ من الذات

ربط الشيخ محمد أبو زيد، بين اضطراب الهوية في العصر الحديث وتراجع الممارسات العبادية، معتبرًا أن هذا الترابط يشكل أحد أبرز ملامح الاغتراب النفسي والاجتماعي الذي يعيشه الإنسان المعاصر.
جاء ذلك في الليلة السادسة من شهر محرم الحرام في مجلس المقابي بمحافظة القطيف، التي حملت عنوان ”دور العبادات في ترميم الذات وتشكيل الهوية.. الصلاة أنموذجًا“.
وحذّر الشيخ أبو زيد من أن العالم الإنساني بأسره يمر بحالة عميقة من الغربة والضياع على المستويين الثقافي والاجتماعي.
وأكد أن هذه الأزمة لم تعد مجرد حالات فردية منعزلة، بل تحولت إلى ظاهرة نفسية واجتماعية شاملة تنذر بمشكلة جوهرية تستدعي وقفة جادة للتأمل والمعالجة.
وبيّن أن الاغتراب لم يعد مقتصرًا على الأفراد، بل أصبح ظاهرة نفسية واجتماعية واسعة، يشعر فيها الإنسان بالانعزال حتى داخل محيطه العائلي.
وأشار إلى أن تجليات هذا الاغتراب باتت واضحة في سلوكيات عدة، من أبرزها تعاطي المخدرات والتقليل من شأن القيم الأخلاقية.
وأعتبر أن هذه الممارسات تمثل صرخات صامتة عن أزمة الهوية
وشدد على أن المجتمع المحلي ليس بمنأى عن هذه الأزمة، معتبرًا أن التحولات العالمية جعلت من العالم قرية واحدة، تنتقل فيها الأزمات من بيئة إلى أخرى دون حواجز، وهو ما يستدعي وعيًا جمعيًا وجهدًا مشتركًا للتصدي لهذا التحدي المتنامي.
وحول آليات المواجهة، أشار الشيخ أبو زيد إلى ضرورة التعامل مع هذه الظاهرة بجدية، وعدم الوقوع في فخ التبسيط أو إقصاء المتخصصين.
ودعا إلى إشراك التربويين والنفسيين والاجتماعيين في صياغة حلول شاملة، تستند إلى الخبرة العلمية وتراعي الخصوصيات الثقافية والدينية.
ولفت إلى أن نظام العبادات في الإسلام، وعلى رأسه الصلاة، يمتلك قدرة فريدة على الإسهام في معالجة جذور الاغتراب.
وبيّن أن الصلاة، رغم ثبات أركانها عبر العصور، ليست مجرد طقوس شكلية، بل هي بمثابة باب للتواصل مع الله وحصن منيع يقي الإنسان من وساوس الشيطان ومشاعر القلق والضياع.
واستشهد بتأكيدات علماء النفس المعاصرين على الدور الإيجابي للممارسات الروحية في التخفيف من حدة الاكتئاب والقلق.
وأشار إلى أن الصلاة لا تقتصر على الأداء الحركي، بل تستوجب إدراك مقاصدها وفهم جوهرها حتى تثمر أثرًا تربويًا عميقًا، إذ تعزز الرقابة الذاتية، وتغرس في النفس حصانة داخلية ضد الانحراف.
ودعا الشيخ محمد أبو زيد المجتمع إلى دعم حضور الصلاة في حياة الشباب من خلال تهيئة المساجد لتكون بيئات آمنة وجاذبة، وتفعيل مشاركتهم في البرامج العبادية، بالإضافة إلى الحد من هيمنة الأجهزة الذكية التي تسهم في تعميق العزلة وتشتت الانتباه.