آخر تحديث: 4 / 7 / 2025م - 8:54 م

السيد الخباز يتناول الغاية من وجود الأئمةِ المعصومينَ

جهات الإخبارية

أكد السيد منير الخباز أن مفهوم «العصمة» في الفكر الإسلامي لا يعني سلب الإرادة أو تحويل المعصوم إلى كائن مبرمج، بل هي حالة من الاستقامة النفسية السامية التي تمنع صدور الذنب أو الخطأ.

وبين أن هذه المنزلة الرفيعة تقوم على عاملين أساسيين، هما العامل الفكري المتمثل في بلوغ أعلى درجات العلم، والعامل الوراثي القائم على الاصطفاء الإلهي.

جاء ذلك خلال محاضرته التي ألقاها بالمركز الإسلامي في مدينة ديربورن الأمريكية، في الليلة السادسة من شهر محرم، حيث تناول بالشرح والتحليل إحدى القضايا العقائدية العميقة، مجيبًا عن تساؤلات حول كيفية التوفيق بين مبدأ العصمة ومبدأ الاختيار الإنساني.

ولفت الخباز إلى أن العامل الفكري للعصمة يتمثل في وصول النبي أو الإمام إلى درجة «حق اليقين»، وهي أعلى مراتب العلم التي تنكشف فيها حقائق الأمور بشكل مطلق، مما يجعل قبح المعصية وجمال الطاعة واقعًا ملموسًا لديه.

وأشار إلى أن هذا العلم لا يجبر المعصوم على الطاعة، بل يدفعه إليها باختياره الكامل، تمامًا كما يمتنع الإنسان العادي عن تناول السم عن علم ويقين بضرره دون أن يكون مجبرًا على ذلك.

أما العامل الثاني، فقد وصفه بالعامل الوراثي، موضحًا أن للنقاء الوراثي والنشأة في سلالات طاهرة اصطفاها الله، دورًا في تكوين الشخصية السوية والمنضبطة.

واستشهد في هذا السياق بآيات قرآنية كريمة تتحدث عن اصطفاء الأنبياء وذرياتهم، مؤكدًا أن هذا الإرث الطاهر، جنبًا إلى جنب مع العلم اللدني، يهيئان للمعصوم أرضية صلبة من الاستقامة النفسية تمنعه من الانحراف.

وفي معرض رده على الإشكالية القائلة بأن العصمة تقلل من فضل صاحبها، شدد الخباز على أن العصمة لا تتنافى أبدًا مع «الإرادة الحرة»، فالشخص المعصوم يمتلك القدرة على ارتكاب المعصية كأي بشر، ولكنه يمتنع عنها بقوة إرادته وعمق بصيرته.

ووصف ذلك بأنه ”امتناع منه لا امتناع عليه“، أي أن الترك للذنب يصدر عن إرادة واعية وليس عن قسر أو إجبار، مما يجعل قوة إرادته محل الفضل والتقدير.

ولدعم طرحه، استعرض الخباز عددًا من الأدلة القرآنية التي يرى أنها تؤسس لمبدأ العصمة، من بينها آية التطهير التي تنفي الرجس عن أهل البيت، وآية إطاعة أولي الأمر التي جاءت مطلقة وغير مقيدة، مما يدل، بحسب تفسيره، على عصمتهم، بالإضافة إلى الآية الكريمة التي تشير إلى أن عهد الإمامة الإلهي لا ينال الظالمين.

وأكد على أن الهدف الأسمى من وجود شخصيات معصومة هو أن يكونوا قدوة وأسوة حسنة للبشرية، يعملون على إثارة دفائن العقول وتذكير الناس بميثاق فطرتهم السليمة، وتحويل القيم الأخلاقية النظرية إلى سلوك عملي، داعيًا إلى تجسيد هذه الأخلاق في التعامل مع جميع الناس دون تمييز، باعتباره جوهر رسالة الأئمة.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 4
1
هبة العوامي
[ صفوى ]: 2 / 7 / 2025م - 9:37 م
العصمة بهذا المفهوم تجعل النبي أو الإمام أقرب إلى فكرة خارقة أكثر من كونه بشرا يحتذى به.

كيف يمكن أن يكون نموذجا وهو محصن من الخطأ بعوامل معرفية ووراثية لا نمتلكها؟
2
سلمى آل يوسف
[ صفوى ]: 2 / 7 / 2025م - 11:17 م
السيد منير حفظه الله يدعو لتجسيد أخلاق المعصومين في الواقع بينما يضعهم في مرتبة لا يمكن الوصول إليها بشريا.

هذا التناقض هو السبب في نفور الجيل الجديد من الخطاب الديني
3
منصور القلاف
[ سيهات ]: 2 / 7 / 2025م - 11:32 م
محاضرة السيد الخباز تميزت بعمقها التحليلي لكني أعتقد أننا بحاجة إلى ربط فكرة العصمة بسياقات اجتماعية أكثر قربا لحياة الناس حتى لا تبقى محصورة في بعد نظري مجرد
4
حسن عباس
[ القطيف ]: 3 / 7 / 2025م - 12:09 ص
السيد الخباز كالعادة يفتح لنا آفاقا معرفية رصينة في العقيدة ويعيد بناء المفاهيم بأسلوب يجمع بين البرهان العقلي والنص الديني وهذا ما نحتاجه لتقوية الإيمان الواعي.