آخر تحديث: 2 / 8 / 2025م - 9:45 م

الفضول فطرة نرتقي بها أم منزلق نهوي من خلاله

عيسى العيد * صحيفة اليوم

لماذا نحب أن نعرف؟

هل حبّ المعرفة منقبة أم مذمّة؟

وهل هناك معارف تُحمَد، وأخرى تُذم؟

وهل الفضول فطرة راسخة في النفس، أم مجرّد ضعف متخفي؟

كيف يتكون الفضول لدى الإنسان وفي أي مرحلة من مراحل حياته يصبح فضولي؟

لكل إنسان غرائز نفسية، تنمو أو تنكمش بحسب وعيه وطريقة إدارته لها. وتلك الغرائز، وإن اختلفت بين الناس، إلا أنها تشترك في كونها متجددة في أشكالها، ومن أبرزها: غريزة الفضول.

الفضول نزعة فطرية تولد مع الإنسان، وتظهر منذ سنواته الأولى، حين يبدأ بالتعرّف على العالم مستخدمًا حواسه كلها: يتلمس، يجرّب، يسأل، ويستكشف. وتظل هذه الغريزة حاضرة فيه حتى الكِبَر، وإن اختلفت صورها وتوجهاتها.

يقول العالم جيم الخليلي في كتابه متعة العلم:

”كلّنا نواجه أشياء في حياتنا لا نفهمها، سواء كانت جديدة أو غير متوقعة. هذا ليس شيئًا نندبه أو نخافه. مواجهة الأشياء المجهولة أمر طبيعي، ولست بحاجة إلى الهروب. الفضول هو جوهر العلم، وكذا السؤال والرغبة في المعرفة. لقد وُلدنا جميعًا علماء كأطفال، نتعلّم فهم عالمنا من خلال الاستكشاف وطرح الأسئلة طوال الوقت.“

والفضول ليس واحدًا، بل هو نوعان:

• الأول: فضول يتجه نحو تتبّع الناس، خصوصًا في أخبارهم السيئة، لا رغبة في المعرفة، بل لمجرد الشعور بالسبق أو التباهي. هذا الفضول يُرضي النفس السطحية، لكنه يُعد سلوكًا غير محمود، لأنه يقوم على تتبّع عثرات الآخرين والانشغال بعيوبهم، ولا يفيد صاحبه من تلك المعارف التي يتتبعها إنما هو اشغال نفسه بأمر لا عائد منه.

• الثاني: هو الفضول المعرفي، الذي يدفع صاحبه إلى البحث، والسؤال، والتفكير، ومحاولة الفهم. وهذا النوع هو الذي يُبقي العقل حيًا، ويمنح صاحبه قدرة على التطور. وفي هذا النوع يتفاوت الناس: فمنهم من يشتعل فضوله طلبًا للعلم، ومنهم من يعتدل، وآخر لا يحرك فيه السؤال ساكنًا.

ولولا هذا النوع من الفضول، لظلت الحركة العلمية راكدة، ولما ظهرت النظريات، ولا تأسست المعارف. فبفضله، اشتعلت عقول العلماء، ونشأت الاكتشافات، وتقدّمت الحضارات.

وفي النهاية، كيف نوجّه فضولنا؟

أنجعله سُلّمًا نرتقي به، ونتعلّم من خلاله ما هو مفيد؟ أم نتركه منزلقًا نحو تتبّع عثرات الآخرين، فنفقد بذلك قيمته، ونتحوّل إلى مجرد مراقبين للزلات.