آخر تحديث: 2 / 8 / 2025م - 9:45 م

”هولك هوجن“

جلال عبد الناصر *

قبل أسبوع انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي خبر وفاة المصارع الأمريكي ”هولك هوجن“ ذي الشعر الأصفر إثر أزمة قلبية. حينها عادت بي الذاكرة إلى ما قبل ثلاثين سنة حينما كنّا نجلس أمام شاشة التلفاز ننتظر دخول ”هوجن“ للحلبة. فدخوله الاستعراضي المصاحب للأغنية المشهورة كان بحدّ ذاته متعة. لقد كان مختلفًا حتى في طريقة دخوله، ومختلفًا في طريقة مصافحته للجمهور عن باقي المصارعين. أما اللحظة التي كنّا ننتظرها هي عندما يمزّق الفانيلة الصفراء وسط الحلبة والتي تحدث جلبة للمشاهدين والحاضرين معًا. لقد كانت شخصية ”هوجن“ كارزيماتية إلا أنّ هناك من راح يتقمص تلك الشخصية ويحول منزله لحبلة مصارعة والضحية زوجته.

يقول الحاج ”سعيد“ أتذكر قبل اثنتين وثلاثين سنة عندما وصل زوج ابنتي ”هولك هوجن“ إلى منزلي منتظرًا أن أفرج عن ”فاطمة“ وأسلّمها إياه، أو أنه سيدخل ويسحبها من شعرها. حينها كان عمره تقريبًا ثلاثًا وعشرين سنة وعمر ابنتي ثماني عشرة سنة. لم تسمح لي كرامتي كأب أن أسكت عن تلك الإهانة في حق ابنتي. وفي الوقت نفسه لم أمتلك القدرة على مواجهة ذلك الرجل أو حتى تهديده.

فبنية جسمه القوية ونظراته العدوانية والمرعبة تجعلني أتراجع. إلا أني تذكرت عندما عادت لي ابنتي وهي ترتجف وجهها متورم بفعل اللكمات. وكيف كان منظرها بين أخوتها والدم ينزف من أنفها. حينها لم يكن لدي خيار إلا أن أترك المجلس وأعود إليه بأكبر سكين في المطبخ، وهذا ما حدث. استأذنت منه ورحت خلسة للمطبخ وبينما كنت أدسّ السكين في ثوبي شاهدتني زوجتي أم ”أحمد“ فانقضّت عليَّ إلا أني رميتها على الأرض واندفعت للمجلس. ورحت أشهر السكين عاليًا وأطلب منه الخروج وإلا سوف أطعنه بالسكين. وما كان منه إلا أن يقف ويشير نحوي بيده قائلًا: ”إذا ما تنزل السكين راح أنحرك فيها“. وفجأة وجدت ابنتي فاطمة تعانقني وتطلب من الدخول وراحت زوجتي وبقية بناتي يسحبونه للخارج، ورميت نفسي على الأرض أبكي بحرقة. لقد اكتشفت أني زوّجت فلذة كبدي ”هولك هوجن“، المصارع المجنون.

بعد تلك الحادثة مرضت ابنتي وأصبح الخوف ملازمًا لها. فبمجرد سماع صوت الجرس أو صوت فتح الأدراج، تشعر بالاختناق والبكاء. وكنت أدعو الله ليل نهار أن ينتقم من ذلك الرجل. وفي إحدى المرات بينما كنت ذاهبًا للمسجد جاءني أحد المصلين يُعظّم لي الأجر. فسألته عن المتوفي فأخبرني بأنه زوج ابنتي.

ما بين وفاة ”هوجن“ المصارع و”هوجن“ المزيف ثلاثون سنة تقريبًا. ولكن يبقى السؤال: كم ”هولك هوجن“ حي يُرزق على وجه الأرض؟ أنا على يقين أنّ الكثير من المتزوجات يبحثن عن ”الحاج سعيد“ ليدعو على أزواجهن ويستجيب الله دعاءه، لتكون لحظة وفاة أزواجهن هي لحظة ميلادهن.

اختصاصي نفسي في مجمع إرادة للصحة النفسية بالدمام