أماكن في القلب
هناك في صدر الإنسان متحفٌ لا تُباع تذاكره، ولا تُلتقط فيه الصور. قلبٌ يضم بين جدرانه لوحات مرسومة بالحب، منحوتات من الحنين، ورفوفًا تزدحم بذكريات لا تموت. أماكن لا يراها الآخرون لكنها تحكم حاضرنا، تتحدث حين نصمت، وتصرخ حين نبتسم. فمرحبا بك في أعماق قلبٍ لا يزال يبحث عن معنى الحياة بين ثنايا الوجع والبدء من جديد.
• الحب، ذلك الزائر الذي لا يطرق الأبواب، يدخل بخفة، يزرع الحنين، ويحرك الستائر القديمة في غرف القلب المغلقة. يجعل الأيام تزهر، حتى لو كانت السماء رمادية.
ثم تأتي المآسي كعاصفة خريفية، تسقط أوراق الأمل، وتكسر نوافذ الحلم. لا تُنذر، لكنها تُعلم… تُعلمنا أن الألم جزء من التعلُّم.
الدموع، ليست ضعفًا، بل لغةٌ راقية لا يتحدثها إلا من عرف كيف يبكي بصمت. إنها مطرٌ داخلي، ينظف الشرفات التي نسكنها في أعماقنا.
الحرمان، يشبه فراغ الكوب الذي اشتاق للماء. يجعل القلب يتأرجح بين الرجاء والانكسار، بين الصبر والسكون.
ومع ذلك، يطل السرور كشعاع خجول يخترق ستار الحزن، يعلّمنا أن الضحك قد يعود، وأن القلب ليس فقط محطة للعابرين، بل موطن لمن يستحق.
ثم هناك أماكن نادرة لا تلوثها المآسي، هي جُزرٌ صغيرة وسط محيط العواصف: أماكن للتسامح، للمغفرة، للبدء من جديد. أماكن تتفتح حين نقرر ألا نحمل الغضب معنا، وألا نترك الجراح تحكم مستقبلنا. هي نوافذ الروح نحو الضوء، حين نظن أن الليل لن ينقضي.
ختامًا
القلب ليس دفترًا يُطوى، بل مدينة تنام وتصحو، تنكسر وتُبنى من جديد. وبين أزقتها، تنبت أماكن لا تعرف العنف ولا الحقد، بل تتسع للحب المتجدد، والعفو الذي لا يُطلب. فليكن قلبك أيها القارئ مرآةً صافية، لا تُخفي الندوب، بل تُشهرها كأوسمة انتصار على الألم.