آخر تحديث: 18 / 10 / 2025م - 8:33 م

الغضب وتداعياته السلبية

جمال حسن المطوع

يمر الإنسان منا أحيانًا بوضع لا يُحسد عليه نتيجة حدث ما أغضبه وثار منه، يفقد فيه أعصابه وهدوءه ويخرجه عن نطاق السيطرة على عواطفه المتشنجة لاختلاف في أمر ما، وقد يصل الحال به إلى تنازع وتلاسن مع الطرف المقابل، مما قد يؤدي هذا إلى نتائج عكسية كقطيعة رحمية أو فقدان صداقة أو علاقة شخصية، تخلق ارتباكًا ونوعًا من التوتر والقلق الذي بدوره ينعكس على العلاقات المجتمعية، مما يساهم في التفكك وشق الألفة والتنازع الذي لا طائل منه.

وقد ذمّت شريعتنا السمحاء الغضب وحاربته لما يولده من انعكاسات خطيرة نفسية ومزاجية، ويظهر ذلك على قسمات وجه الغاضب وكأنه جمرة من النيران، وقد حاكى النبي ﷺ هذه الحالة وشخصها خير تشخيص في الحديث المروي عنه حيث قال:

«ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما أرأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه، فمن أحس بشيء من ذلك فليلصق بالأرض»

إذًا، يجب عدم التماهي والتفاعل مع سلبيات الغضب، بل ودعت الشريعة إلى تفكيك تداعياته وتأثيره على نفسياتنا، حيث يؤدي ذلك إلى إتاحةُ الفرصةِ لتغلغل الأمراض العصبية والنفسية، بل أعطت شريعتنا الغراء وصفة علاجية لا تُقدّر بثمن، تمثل ذلك فيما طرحه القرآن الكريم عندما قال الله في محكم كتابه وفصيح خطابه:

﴿.. وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134]

الآية الكريمة تشيد بالذين يكتمون غضبهم ويعفون عن الناس، وهم بذلك يُظهرون صفة الإحسان ويحظون بمحبة الله.

هنا علينا مراجعة واقعنا عندما يعتري أحدنا إحدى هذه الحالات غير الأخلاقية وغير المرحب بها سلوكيًا، ونتحكم بفاعلية ممنهجة في كيفية مواجهة ما يثيرنا من القضايا الطارئة التي تثير أعصابنا وانفعالاتنا وتُخرجنا عن جادة الصواب، فعلينا التعامل معها بروح عفوية وسكينة نفسية ما أمكن إلى ذلك سبيلًا، حماية لصحتنا وعلاقاتنا الأسرية والاجتماعية من عواقب لا يُحمد عقباها… والله من وراء القصد.