آخر تحديث: 18 / 10 / 2025م - 5:43 م

ولا يهون النفط «8»: القطاع الخاص ومربع السياحة والصناعة التحويلية والخدمات المالية

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال

هل مساهمة القطاع الخاص السعودي أسيرة عدد قليل من الأنشطة، ما قد يعني تنوعاً لا يملأ السعة الاستثمارية التي تولدها الإصلاحات الهيكلية والمبادرات التنفيذية لرؤية السعودية 2030؟

وفقًا للأبحاث التجريبية المحكمة، يُعد الاستقرار العامل الأهم والأكثر تأثيرًا في جذب الاستثمارات لاقتصاد أي دولة، سواء كانت استثمارات أجنبية مباشرة أو استثمارات محلية، وذلك لاعتبارات أهمها: تعزيز قدرة المستثمرين على التنبؤ، إذ يبحث المستثمر دوماً عن بيئة مستقرة من حيث تدني معدل تضخم الأسعار، وانخفاض أسعار الفائدة، واستقرار سعر صرف العملة، مما يقلل من مخاطر ممارسة الأعمال، تنامي الثقة في المؤسسات العامة فالاقتصادات المستقرة غالبًا ما تتمتع بأنظمة قانونية قوية، وحوكمة فعالة، وضمانات لحماية حقوق الملكية، انخفاض تكلفة رأس المال تبعاً لانخفاض المخاطر، ما يؤدي إلى قبول المستثمر بعوائد أقل، يشجع الاستقرار المستثمر على إعادة استثمار أرباحه ضمن الاقتصاد نظراً لاطمئنانه لتدني المخاطر وملاءمة الأرباح.

وعند تناول الأمر من زاوية الاقتصاد السعودي نجد أن الرؤية جلبت ”مغناطيساً ضخماً“ وهو تعزيز الاستقرار بما ساهم ويساهم في استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، فقد حققت المؤشرات ذات الصلة بالاستقرار تقدماً ملحوظاً، مدعومة بمبادرات محددة استهدفت: تعزيز سيادة القانون، تجويد الأطر التنظيمية والشفافة وفعالية الحكومة، تجويد سياسات المالية العامة واستدامتها، تطوير البنية التحتية وبالتالي الارتقاء بسِعة الاقتصاد، السعي لزيادة العرض من القوى العاملة الماهرة.

وانطلاقاً من أن الاستقرار هو الأساس الذي يُبنى عليه قرار الاستثمار، سواء من قِبل المستثمر المحلي أو الأجنبي، فيصح السؤال: هل الضخ الاستثماري للقطاع الخاص السعودي ملائم؟ عند التمعن في الإحصاءات المقارنة وتحديداً ”نسبة الاستثمار الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي“ نجد أن السعودية «25.6 بالمائة» تأتي في المرتبة الثالثة في مجموعة العشرين بعد كوريا الجنوبية «27.3 بالمائة» واليابان «26.8 بالمائة»، ومتقدمةً دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فيما عدا كوريا واليابان، وعلى بقية دول مجلس التعاون، التي تتقدمها - بعد السعودية - الإمارات بنسبة 22.4 بالمائة بناءً على نسبة محتسبة من بيانات صندوق النقد الدولي.

أعود للسؤال: هل هذا الضخ ملائم، بمعنى أنه يرتقي إلى الفسحة الاستثمارية التي يتيحها الاقتصاد السعودي والإصلاحات النوعية التي جلبتها الرؤية؟ الإجابة القصيرة هي لا، والسبب أن المحركات الأساس «أي الأكثر فاعلية» للضخ الاستثماري هي حالياً: إصلاحات الرؤية «تحسن بيئة الاستثمار بما في ذلك الانفتاح الاقتصادي» والتحسن في البنية التحتية وقطاعي السياحة والصناعة، حيث أن هذه المحركات تساهم بما مجموعه ثُلثي الاستثمار الخاص «66 بالمائة». ما يوضح أن ثمة سِعة ينبغي أن تُملأ بالتوازي من قبل حزمة أكبر من الأنشطة الاقتصادية حتى يتحقق تنوع اقتصادي ”عميق ومتشعب“ «Breadth and depth» بوتيرة متصاعدة فتصل مساهمة القطاع الخاص إلى 65 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2030.

وبالقطع فثمة أنشطة بازغة لم تؤت أكلها مما يتطلب ضخاً استثمارياً متواتراً، من تلك الأنشطة البازغة على سبيل المثال لا الحصر تقنية المعلومات والاتصالات والتقنية المالية والتقنية الحيوية، ودون ذلك سيبقى تنويع الأنشطة غير النفطية إلى الحد البعيد حبيس مربع: البنية التحتية والسياحة والصناعة التحويلية والخدمات المالية، فهذا المربع حالياً يساهم بنحو 40 بالمائة من الناتج المحلي من مجمل مساهمة الأنشطة غير النفطية التي وصلت إلى 52 بالمائة. «يتبع»

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى