آخر تحديث: 18 / 10 / 2025م - 1:28 ص

الذكاء الاصطناعي من القلق إلى الإبداع

نجمة آل درويش‎ *

أنا أؤمن أن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا كما يُصوَّر أحيانًا، بل هو أداة مسخرة لخدمة الإنسان وتسهيل حياته. الخوف المبالغ فيه منه قد لا يكون في مكانه الصحيح. فنحن اعتدنا كلما ظهر شيء جديد أن يرافقه كثير من القلق والجدل حول مساوئه، قبل أن نمنح أنفسنا فرصة للتعرف إلى إمكاناته واستخداماته.

لو عدنا قليلًا إلى الوراء، سنتذكر كيف خفنا من الإنترنت عند بداياته. كان الناس يتحدثون عن مخاطره، وعن كيف سيغيّر العالم ويعزل البشر. لكن سرعان ما صار الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، يربطنا بالعالم ويمنحنا فرصًا لا حصر لها. كذلك الأمر مع الهواتف النقالة، التي استقبلها البعض بكثير من التوجس. واليوم لا يكاد أحد يستغني عنها، فهي تُستخدم لأغراض لا تُعد ولا تُحصى، من العمل والتعلم، إلى التواصل والترفيه، وحتى تنظيم تفاصيل حياتنا الصغيرة. ورغم أضرارها المحتملة، فإنها لا تزال تحمل كمًا هائلًا من الفوائد التي سهّلت وجودنا.

الأمر نفسه ينطبق على الذكاء الاصطناعي. في النهاية هو ليس كائنًا مستقلًا، بل مجرد أداة صنعها الإنسان وبرمجها بيده. خُلق ليُسهّل حياتنا ويوفّر وقتنا وجهدنا. كثيرون اليوم يقلقون من أن مستقبل الكتابة مهدد، لكن لو فكرنا قليلًا سندرك أن الأفكار والمشاعر والابتكارات ستبقى إنسانية خالصة. الذكاء الاصطناعي لا يملك قلبًا أو تجربة شخصية ليكتب عنها، بل يستند دائمًا إلى ما يقدمه له الإنسان.

فلماذا لا ننظر إليه من زاوية مختلفة؟ بدلًا من أن نراه تهديدًا، يمكننا أن نعتبره أداة مساعدة، تُسرع خطواتنا وتتيح لنا المزيد من الوقت للتركيز على جوهر ما نريد التعبير عنه. يمكنه أن يفتح أمامنا مجالات جديدة للإبداع، وأن يجعل عملية الكتابة أو البحث أو التعلم أكثر ثراءً وسهولة.

في النهاية:

الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن الإنسان، بل امتداد لطاقته وإبداعه. هو فرصة لنُبدع أكثر، لا لنفقد هويتنا. والفرق في النهاية ليس في الأداة نفسها، بل في الطريقة التي نستخدمها بها. إن اخترنا أن نجعلها وسيلة للارتقاء، فسترتقي بنا، وإن اخترنا أن نخاف منها بلا تجربة أو فهم، سنفوّت على أنفسنا الكثير من الفرص.