إهدار الحقوق وما يلحقها من ظلامات
بئس هذا الزمن الرديء الذي تُهدر فيه حقوق وعزة وهيبة الإنسان قولًا وفعلًا، وهذا ما نراه أمام عيوننا، حيث يكون المستهدفون من أولئك الذين لا حول لهم ولا قوة، ويُصابون بالذل والهوان أمام ظالميهم الذين لا يتورعون في سلب حقوق الآخرين مع سبق الإصرار والعناد، لأنهم يملكون طباعًا غير أخلاقية وبعيدة عن روح الإنسانية، وهو ما يدعوهم إلى القيام بسوء الأدب وعدم الاحترام وقلة المشاعر التي يمارسونها ليقهروا أولئك الرجال ويحطموا نفسياتهم بكل ما أوتوا من غرور وكبرياء، فيكيدون الدسائس
ضد هذه الفئة من الرجال المظلومةِ والمهضومة حقوقهم والمعدومي القدرة عن دفع الضرر الواقع عليهم لأنهم يقابلون السيئة بالحسنة، والأغرب من ذلك أن يأتي هذا الظلم والحيف من أقرب الناس إليهم أو من تربطهم بهم علاقات على مستوى الصداقة والزمالة، فيشعرون بالإحباط وخيبة الأمل عندما يرون أن ظروف حياتهم مليئة بالجور والقهر لما يواجهونه من عقبات ومعضلات فيها الضعف والهوان في استرجاع ما يستحقونه من حقوق سلوكية إيجابية كالإيثار والتعاطف والتعاون والوفاء، والتي حُرِموا فيها تحت الإنكار والصدود وعدم الاكتراث من ناكريهم عن كل استحقاقاتهم ونصائحهم الشرعية والعرفية، وما يؤلم كثيرًا ويحز في الوجدان أن يأتي هذا الظلم والإذلال من بعض الزوجات والأبناء والأقارب، ويتمثل ذلك في عدم الإصغاء والنصيحة وإطاعة الأوامر لما فيه منفعتهم ومصلحتهم الحياتية والأخروية، فيتجاهلون كل ذلك بعيون غاضبة ووجوه شاحبة. هذا على الصعيد الشخصي، أما على الصعيد الاجتماعي، فما يبدر من بعض الأصدقاء الذين ما إن تختلف معهم في بعض الرؤى حتى يبدأ بهجوم شرس مستخدمًا أساليب قهرية واستفزازية لكي يحرجك أمام الآخرين، وقِس على ذلك ما يجري من تنافس غير لائق ومعيب من بعض زملائك في العمل، فبعضهم يسعى لتهوينك والنيل بك والوشاية عليك كي ينال درجة ما على حساب جهدك وإخلاصك في العمل، فتُصاب بالإحباط، مما يولّد هذه الأجواء مجتمعة جوًّا مكهّربًا من الظلامة والتسلط والإجحاف والمكيدة التي تجعلك في وضع لا تُحسد عليه، فتصاب بخيبة أمل وقهر لا يوصف.
وقد نهانا رسولنا الكريم ﷺ في حديث له عن ظلم العبد لغيره حيث قال:
«اشتد غضب الله على من ظلم من لا يجد ناصرًا غير الله».
وفي حديث للإمام علي وصف فيه وصفًا دقيقًا معنى الظلم وكيف إن الظالم مضرته تنفع المظلوم حيث قال: «من ظلمك فقد نفعك وأضر بنفسه».
إذ إن الظلم يعود بالويل والثبور وعظائم الأمور على من يتبناه، كائنًا من كان، وإن الله بالمرصاد لهؤلاء، وإن هناك خطوطًا حمراء في كيفية كبح جماح الظلم، بغض النظر عن من يكون فاعله، قريبًا كان أو بعيدًا، فهم سواسية أمام العدالة الإلهية واقتصاصه من فاعله. فحذار حذار أيها الغافلون… والسلام ختام.