آخر تحديث: 18 / 10 / 2025م - 8:33 م

خمس الراتب.. بين إمضاء المرجع واشتباه الوكلاء!

في هذا البحث سوف أتناول الخُمس في راتب الوظيفة الحكومية لمقلدي السيد الخوئي «قدس سره» بسبب اشتباه الوكلاء قبل ربع قرن «قبل الإمضاء سنة 1422 هـ» وإلى يومنا هذا أن إمضاء السيد السيستاني «دام ظله» للعقود الوظيفية يشمل أيضًا مقلدي السيد الخوئي، ومقتضى ذلك أن يجب عليهم إخراج الخُمس وإن بقي الراتب في الحساب بدون قبض. بدأت إعداد هذا البحث بعد معرفتي مؤخرًا طريقة قبض الرواتب لمقلدي السيد الخوئي [1]  والتي فيها دلالة واضحة أن الموظف لا يملك الراتب قبل القبض.

وقبل البدء في صلب الموضوع، لا بد من مقدمة:

بالمفهوم الفقهي وليس السياسي، تُعَد أموال الدولة عند السيدين الخوئي «قدس سره» والسيستاني «دام ظله» مجهولة المالك، وبالتالي العقد الوظيفي غير صحيح، والرواتب المحوّلة لحساب الموظف البنكي جراءَ عمله في وظيفة حكومية هي مجهولة المالك. هذه الأموال أمرها بيد الحاكم الشرعي، ولا تكون مملوكة للموظف إلا بعد قبضها بإجازة من الحاكم الشرعي، فإذا قبضها الموظف تعلق فيها الخمس.

لكن يوجد اختلاف بين السيدين في إجازة قبض الأموال حتى تكون مملوكة للموظفين وبالتالي يتعلق فيها الخمس، والاختلاف كالتالي:

إجازة السيد الخوئي في قبض الراتب من البنك

في استفتاء لمكتب السيد السيستاني عن كيفية قبض الموظف الباقي على تقليد السيد الخوئي راتبه من البنك، أجاب المكتب بالتالي:

”يكفي قبضه وكالة عن سماحة السيد «السيستاني» مُدَّ ظله العالي بما أنه وكيل عن الفقراء، ثم إبقاؤه في يده بقصد تملُّكه لنفسه، ومن ثم يجب عليه تخميسه إذا لم يصرفه في المؤنة إلى نهاية سنته الخمسية….“ مكتب السيد السيستاني النجف الأشرف 12/ ذو القعدة/ 1425 [2] 

إجازة السيد السيستاني في قبض الراتب من البنك

أجاز السيد السيستاني للموظف أن يقبض راتبه من البنك لنفسه مباشرة بدون وكالة عنه أو عن الفقراء، ومن ثم يجب عليه تخميسه «بعد قبضه» إذا لم يصرفه في المؤنة إلى نهاية سنته الخمسية، والسبب أن الموظف لا يملك الراتب قبل القبض لأن العقد الوظيفي بين الموظف وبين الدولة غير صحيح.

هذا قبل تاريخ 5 جمادى الأولى 1422 هـ، أما ابتداءً من هذا التاريخ فالموظف يملك المال إذا كان مخلصًا في عمله بمجرد إنجازه للعمل وإن لم يقبض ذلك الراتب، فإذا حلت سنته الخمسية قبل قبضه وجب إخراج خمسه. والسر في هذا التاريخ أن السيد السيستاني أمضى جميع عقود الموظفين مع الدولة استجابة لطلب ورجاء جمع من وكلائه لرفع الحرج عن المؤمنين وأسباب أخرى. [3] 

لم يلتفت الوكلاء إلى أن أساس الاختلاف بين السيد الخوئي والسيد السيستاني هو في الإجازة المرتبطة بتملُّك الراتب وليس في العقد، وإمضاء السيد السيستاني مرتبط بالعقد «وهو من قبيل إجازة ولي الصبي أو المجنون لعقد أجراه الصبي أو المجنون». وأما بخصوص المال فالموظف مجاز بقبضه لنفسه مباشرة بدون وكالة حتى قبل الإمضاء. في حين طريقة القبض بالنسبة لمقلدي السيد الخوئي يكون وكالة عن السيد السيستاني بما أنه وكيل عن الفقراء، ثم إبقاؤه في يده بقصد تملكه لنفسه.

لذلك اشتبه الوكلاء أن إمضاء السيد السيستاني للعقود يشمل مقلدي السيد الخوئي، وعليه يجب عليهم إخراج الخمس وإن لم يقبضوا الراتب، كما ورد في كتاب ”الرافد في أحكام خمس الأرباح والفوائد“ إجابة لسؤال رقم 13 عن وجوب الخمس في الراتب:

"الخوئي، السيستاني: ما يستلمه المكلَّف من الدولة على قسمين، راتب الوظيفة والأمور الأخرى:

1- أما راتب الوظيفة الذي يستلمه ما دام موظفًا، فيملكه المكلَّف ويصير فائدة في نهاية كل شهر وإن لم يقبضه وأبقاه في حسابه فيجب عليه إخراج خمسه نهاية السنة. «هذا بعد ما أمضى السيد السيستاني العقود» ". [4] 

وهذا اشتباه غريب لأنه يناقض ما جاء في جواب الاستفتاء [2]  في وجوب الخمس بعد القبض، والأغرب أن هذا التناقض لم يلتفت إليه الأعلام الذين وثقوا الكتاب. وممن اشتبه أيضًا أن الإمضاء يشمل مقلدي السيد الخوئي سماحة العلامة الشيخ محمد العبيدان القطيفي [5] ، ومن مملكة البحرين سماحة الشيخ هاني البناء [6] . هذه نماذج فقط، وإلا فجميع الوكلاء وقعوا في هذا الاشتباه لعدم وجود دليل قاطع وصادر من مكتب السيد السيستاني يثبت ما ذهبوا إليه.

[1]  فيديو على منصة اليوتيوب بعنوان ”الطريقة الشرعية لقبض الراتب من مجهول المالك لمقلدي السيد الخوئي رحمه الله| الشيخ علي الدهنين“

[2]  الرافد في أحكام خمس الأرباح والفوائد، الشيخ حسن محمد الهودار، الطبعة الثانية سنة 1435 هـ، اشراف علمي وتوثيق خطي: آية الله السيد منير الخباز وآية الله الشيخ علي الدهنين وآية الله الشيخ محمد تقي الشهيدي، ص 486

[3]  المصدر السابق، ص 488-489

[4]  المصدر السابق، ص 102

[5]  الموقع الرسمي للشيخ تحت عنوان خمس الراتب

[6]  فيديو على منصة اليوتيوب بعنوان "أحكام الخمس - الحلقة 8 من 18- الشيخ هاني البناء