أحسن النية
النية محلها القلب، إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى…
نحن غالبًا ما نبني فهمنا على الظاهر من الأعمال، فنأخذ من العمل ظاهره، وهذا يرجع إلى أسباب كثيرة، منها الثقة الزائدة بالآخرين، وتوقع الصدق منهم، وحسن النية فيهم. ومع كل هذه الأمور فنحن نغفل عن الحقائق التي تخفيها القلوب التي في الصدور، ونجهل حقيقة النية الصادقة، وربما بعض السلوك من الأفعال يضر بالآخرين بقصد أو بغير قصد، وهنا نقطة حديثنا…
فمن يحدد القصد من عدم القصد؟ أليست النية في القلوب؟
الإنسان بطبيعته البشرية خلقه الله عز وجل وأعطاه المشاعر والأحاسيس والتمييز بين الحق والباطل والصدق والكذب الصادر من ذاته ومن داخل قلبه، فهو الوحيد الذي عنده اليقين الكامل بمعنى ونية كل تصرف وسلوك بدر منه للناس، وما مصداقية هذا السلوك.
ونحن إنما نستشعر هذا السلوك وهذه النية بإمكانياتنا المحدودة التي قد تصيب وقد تخطئ، ونبنيها في الغالب على الإيجابيات لا السلبيات، وعلى الصدق لا الكذب، وذلك لعلمنا بعاقبة النيات السيئة والكذب الباطل.
فكل تصرف من الإنسان له دلالة، حتى نظرته لها دلالة هو يعلمها ويعلم القصد والمغزى منها. فهذه الإيماءات والنظرات قد يتقبلها الطرف الآخر ويفهمها لأنها تكون واضحة الدلالة على حسب الموقف ومعرفتي بالشخص، وقد تكون غامضة فلا نفهمها بالطريقة الصحيحة فنفسرها تفسيرًا خاطئًا. وتختلف بعض السلوكيات والتصرفات من شخص لآخر ومن رجل وامرأة. فلو تمعّنا النظر قليلًا لرأينا الرجل في الغالب يفسر نظرة المرأة إليه بالإعجاب، وأنها معجبة به. والعكس عند النساء، فهي تفسر نظرة الرجل إليها بالاستغراب: إلى ماذا ينظر هذا الرجل؟ ولم يحدّق بي؟
وقفة تأمل:
جميل أن نحسن الظن بالآخرين، والأجمل أن تكون نيات الناس طيبة وصادقة، لا نتسرع بالحكم عليهم ولا نفهم سلوكياتهم بمزاجنا. لِنأخذ الأمور بحسن النية وبالأخلاق الرفيعة، فإنها تغير المضامين وتبدل السلوك والنيات من السلبيات إلى الإيجابيات، وربما تخلق وترسم ابتسامة في قلب ووجه إنسان حاول أن يسيء النية فتبدلت بالأخلاق لحسن النية.
اللهم صلِّ على سيدنا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.