عندما تتغير المفاهيم الأسرية
كم نحن بحاجة إلى برمجة حياتنا الأسرية وما يتبعها من أخلاقيات وأدبيات وأعراف وتقاليد قولًا ومنهجًا، وهذا ما يلمسه المتابع منا على عالم الواقع، حيث تلاحظ ذلك الاستهتار واللامبالاة من التفكك الأسري الذي يؤسف له وما ينتج عنه من تلك الإرهاصات المثقلة التي يعيشها شبابنا وشاباتنا من أفكار وآراء ومستجدات غيرت الواقع المعاش وتبدلت فيها الكثير من المفاهيم، حيث نرى بأم أعيننا الخلافات الأسرية التي أثقلت كاهلنا وطاقاتنا، ولم تعد مقبولة عند كثير من الآباء والأمهات حتى في البيت الواحد.
فعندما تسمع وتلاحظ أن هناك من الأبناء ذكورًا وإناثًا من لا يتقيدون بنصائح وتوعية الأبوين، بل يأخذون خطًّا معارضًا لتوجهات آبائهم جملة وتفصيلًا، إلا ما ندر، فيقع بعضهم فيما لا يُحمد عقباه من التشتت والضياع والانهيار المعنوي، فيظلمون أنفسهم ويقعون ضحية استهتارهم، مما يخلق غصة وألمًا وقلقًا وتوترًا لمن حولهم، فتكون الأجواء مشحونة وساخنة في كيفية التعامل مع هذه الأحداث الطارئة والمزمنة بعضها.
وتزداد الأمور سوءًا بأن تكون العائلة يسودها الخصام والتنازع خاصة إذا لم يكن هناك توافق بين الأبوين أو قطيعة أو طلاق نتيجة تراكم مشاكل واختلاف في نوعية التربية أو عدم توافق في إدارة البيت ومتابعة قضاياه، ومما يولد عدم انسجام في إدارة ودفة الشؤون العائلية، وما هو أعظم من ذلك في حالة الانفصال أو الطلاق، مما يزيد الطين بلة ويخلق فجوة كبيرة تؤدي إلى مخاطر على الناشئة، حيث ينقصهم الرقابة والتوجيه والتربية والرعاية الأسرية من الحنان والحضن الدافئ، فيقع الأبناء ضحية تلك الأحداث فيكونوا لقمة سائغة في يد أولئك المتصيدين من ضعفاء النفوس في تغيير مسار حياتهم إلى ما هو أسوأ، ويكون لا حول لهم ولا قوة. وهذا هو الظلم الاجتماعي، فينتهي بهم المطاف إلى الضياع والانحراف الأخلاقي أمام مستغليهم الذين لا يتورعون في ضياع أجيال وهدم مستقبلهم، بدلًا من أن يكونوا لبنة صالحة في رفع وبناء أوطانهم.
من هنا لنبادر سريعًا في إيجاد الحلول المناسبة كآباء ومجتمع إلى العمل على انتشال ناشئتنا وشبابنا من براثن هذه الفيروسات القاتلة وتلقيحهم على وجه السرعة بمضادات توعوية فيها حصانة لحاضرهم ومستقبلهم من حياة كريمة وهانئة ووادعة، وهي حقوق ثابتة علينا في حق أولادنا كما شرحها الإمام زين العابدين وهي درر من الحكم والقول البليغ حيث قال:
«وأما حق ولدك فإن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته».
والله الموفق…