آخر تحديث: 18 / 10 / 2025م - 1:28 ص

لماذا نكسر مجاديف الكاتب الجديد؟ كل مشجع صانع خفيّ

نجمة آل درويش‎ *

أتذكّر جيدًا اسم الكاتب الأول الذي عرضتُ عليه خاطرة كتبتُها، وكنتُ حينها متحمسة جدًا لسماع كلمات الإطراء والمجاملة، كأي كاتب يبدأ في الكتابة.

لكنه فاجأني بردّه، كلمة واحدة لكنها محطمة: «خرابيش».

نصحني بأن أشاهد أفلامًا كثيرة، وختم حديثه بجملة لم أنسها: ”يمكن بعدها تصبحي كاتبة...“

كانت صدمة مؤلمة، وتعبت نفسيتي أكثر مما توقعت، خصوصًا وأنه لم يكن مشهورًا بعد، إلا في نطاق ضيّق.

ربما لو كنت أعي حينها أن حبّ الإنسان لهواية ما، محبةً خالصة، كافٍ ليصل به إلى مبتغاه، لما تأثرت بقسوته.

كنت، كأي إنسان، تتحطم آمالي أمام كلمة واحدة، لكن مع ذلك كنت أعود للكتابة، فكما حطمتني كلمة، أعادتني كلمة أخرى.

بعض من يتابعني كان يحب ما أكتب، وكان الفضل لهم، للقراء العاديين الذين يمنحون الكاتب شعورًا بالأمل والثقة.

أتذكر شخصًا لا أنساه، كان يكتب في صفحة، وأراد مني كتابة خواطر، لكنه سيكتبها باسمه، وقد أفرحني ذلك كثيرًا.

كان موقفًا طريفًا، لكنه شجعني جدًا على الاستمرار، وأعاد إليّ الثقة بقدرتي على تطوير الكتابة بالكتابة.

ما أعاد إلى ذهني تلك اللحظة، هو مشاهدة بعض الكتّاب وهم ينتقدون بعضهم بعضًا، ويقولون: ”كل من هبّ ودبّ أصبح يكتب كتابًا!“

لماذا نكسر روح الكاتب الجديد قبل أن نلمس حروفه؟ أليس الأجدر أن نرى محاولته أولًا، قبل أن نحكم على المحاولة؟

أظن أن كثيرًا من المنتقدين يحملون غرورًا خفيًا، فلا يفتحون الكتاب، ولا يقرؤون حرفًا.

أما نحن، فليكن لنا رأي آخر: نشجع من يكتب، ونحاول أن نلمس الجمال في محاولته، في كل كلمة وُضعت بحب.

لولا هذا الحب لما جلس أحدهم يومًا ليؤلف كتابًا.

حتى في الكتابة، لسنا سواسية؛ بعضنا يرتقي مع الزمن، والبعض الآخر يهبط مستواه.

فلماذا نكسر مجاديف الكاتب الجديد قبل أن يبحر؟

هذا لا يعني أننا نتجاهل نصائح أهل الحرفة، بل علينا الإصغاء إليها، وتنفيذ ما نستطيع، مع التمييز بين النصيحة التي تعالج المشكلة، وتلك التي تزيد علاتها.

وهنا أتذكر ما قاله الكاتب جاك بيكهام في نصائحه للكتّاب:

لا تكتب لقرّائك بتعالٍ أبدًا.

لا تفترض أن قارئك أقلّ ذكاءً منك.

لا تسخر أبدًا من عمل منشور.

لا تظنن أن عدم رواج مؤلفاتك يرجع إلى أنها فوق مستوى القرّاء، فهذا كلام فارغ.

اهبط إلى مستوى القرّاء.