تجارب نفسية وتوطين سعادتك
علم النفس فيه جوانب قائمة على خوض وإجراء تجارب متعددة للأفراد أو المجموعات البشرية لاستخلاص دروس واستنطاق سلوك وتوقّع ردود أفعال. وهو علم مشبع بالعجائب والدهاليز الغامضة والإيحاءات المتعددة. لعلّ معظم الاهتمام به في دوائر الإدارات وإدارة الجموع ينصب محوريته حول بسط السيطرة أو إدارة الخوف / الميول / الانحيازات. والواقع أن توظيف علم النفس بكفاءة عالية أعطى تفوقًا في نطاق بسط سيطرة حفنة قليلة على جموع كثيرة من البشر.
علماء النفس يجرون على مرّ التاريخ الحديث نطاقات مختلفة لتجاربهم لاستخلاص النتائج وإدراج التوصيات؛ ومن ضمن تلكم الدراسات والتجارب، أورد التالي:
الخلاصة: أثبت العالم الروسي بافلوف بأن هناك اشتراطًا كلاسيكيًا يحفّز الكلاب لتسيل لعابها ليس فقط عند رؤية الطعام، بل أيضًا عند رؤية الشخص الذي يطعمها أو عند سماع صوت الجرس المتعلّق بوقت تقديم الوجبات. وهذه التجربة أداة تُستخدم حاليًا في التعليم والعلاج النفسي والعلاج السلوكي والإعلانات التجارية الترويجية والإيحاءات الجنسية في الأفلام والترويج السياحي.
الخلاصة: ربط حدث محايد بتجربة مزعجة لزرع الخوف والذعر لدى البعض بدأ كتجربة وانتهى إلى صناعة. وهي تجربة غير أخلاقية لأنها تزرع الذعر في صفوف الناس، وكثر استعمالها في العالم الرقمي المعاصر لاسيما في صناعة الإسلاموفوبيا لدى الأجيال الجديدة في بعض مناطق العالم.
الخلاصة: الظروف المحيطة وأدوات القانون المنفَّذة يمكن أن تغيّر سلوك الإنسان سواء من يمارس السلطة أو تُمارَس السلطة في حقه؛ وتجعلَه من شخص سيّئ إلى شخص محترم، أو من إنسان هادئ وادع إلى متمرّد شرس وطاغوت. والتجربة تُعدّ مثالًا قويًا على خطورة غياب الضوابط الأخلاقية والرقابة عند إعطاء أي شخص سلطة ما.
الخلاصة: دراسات حول مدى تأثير المجموعة على الأفراد في صياغة الأفكار والقرار والسلوك حتى لو كانت خاطئة. وحديثًا أضحت حروب الذباب الإلكتروني للفرقاء المختلفين/المتفقين هي تجسيد حيّ لهذا النوع من التجارب.
الخلاصة: حدوث المآسي الجماعية عندما يطيع البعض أوامر غير آدمية أو غير إنسانية صادرة في حق الآخرين.
الخلاصة: الوعي الذاتي ليس حكرًا على البشر، بل يوجد وعي ذاتي بدرجات مختلفة عند بعض الحيوانات. وهذه الحقيقة غيّرت وعينا عن مستوى الذكاء عند الحيوانات، لاسيما المستوطنة منها «domestic animal»، وجعلت البعض يوظّف الحيوان حتى في التمثيل والدراما والاعتداء على الآخرين.
الخلاصة: رَشّ قطيع من القرود بالماء البارد عند أي محاولة من أيٍّ منهم لتسلّق سلم محمّل بربطة موز في قمّته. لاحقًا تم استبدال القرود بشكل تدريجي بقرود جديدة، ومع الوقت أضحى تسلّق ذاك السلم من المحظورات التي يُنبّه بها القرود بعضهم بعضًا حتى مع استبدال كامل طاقم القرود التي عانت من رش الماء البارد. والتجربة تُري المطّلع عليها كيفية تسلّط العادات وانتقال بعض التقاليد بين الأجيال حتى لو اختفى المبرّر والسبب.
الخلاصة: مقاومة الإغراءات ببعض الصبر وارتقاب الجزاء الأوفر لاحقًا يجعل بعض البشر أكثر نجاحًا. ولعلّ مفهوم حصد الجنة عند المؤمنين بالآخرة هو أحد أهم المحفّزات لتمسّكهم بالعقيدة والاستمرار على النهج المعتدل المستقيم والابتعاد عن مستنقعات الشهوات والرذيلة.
الخلاصة: التجربة تنصّ على محاكاة التقليد من قبل الأقل تجربة من الصغار للكبار. الأطفال يتعلمون من خلال الملاحظة لسلوك الكبار الآخرين، وهذا يعطي أهمية قصوى لانتخاب القدوة وتقديمها للأجيال الصاعدة بأساليب محبّبة تغرس القيم السامية. المؤسف حاليًا أن أغلب الأطفال وقع ويقع تحت تأثير محاكاة بعض المشاهير والنجوم السينمائية المبتذلة. وعلى أولياء الأمور الأوفياء مسؤولية عظمى في زرع السلوك الحسن في جنبات أطفالهم.
اطّلاعنا أكثر على علم النفس كأفراد عاديين هو في نطاق معرفة نقاط القوة والضعف في محاولة منا ومنكم لدرء النفس عن الانزلاق في وحول الشهوات والنجاة من غضب الله جل جلاله، والفوز بالجنة، وتجنّب أمراض نفسية مثل: القلق والاكتئاب والفصام والاضطرابات النفسية والوسواس القهري واضطرابات في الأكل/النوم وتقلب المزاج والإدمان.
سأكتفي بهذا القدر وأطرح سؤالًا:
هل نجحت في تحليل أعضاء المجتمع الذين تحتك بهم بشكل شبه يومي، مثل العمل والشارع والمسجد والمركز التجاري والبقالة والمخبز والمطعم والمغسلة والبنشر ومحطة التزوّد بالوقود وبائع الفواكه والخضار وصاحب الملحمة؟ وهل نجحت في كسب تلكم الأنفس جميعًا أو بشكل جزئي أم أنك غير مهتم؟!
تذكّر: السعادة لك تعني أنك في محيط إنساني متفاعل بشكل إيجابي رائع معك.
