القراءة والتبصّر
من المسائل المهمة التي تستحق المزيد من الوعي والإقدام - القراءة والتبصّر - وهما المعلّمان والمرشدان الأوّلان إلى التفكير والتعبير والإبداع والابتكار، وتُعتبران من القيم الأساسية في كل ثقافة، وتكمن أهميتهما في إتاحة المجال بالمشاركة في الحياة العامة ثقافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وبما يحقق أهداف المجتمع وطموحاته.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن البعض يرى أنَّ في القراءة والتبصّر الفكر الصحيح الذي يوصل إلى الحرية الفكرية، بمعنى أن التفكير السليم والعقلاني يمكن أن يحرر الإنسان من القيود والأفكار الخاطئة، بينما يرى آخرون أن الحرية تسبق الفكر، إذ إنها تسمح بتكوين الرأي وتطوّره. وكلا الرأيين يحملُ الصواب، لأن العلاقة بين الفكر والحرية علاقة تبادلية، فبالفكر السليم يُعزّز الوعي بالحرية، والتي بدورها تُنقّي وتقوّي هذا الفكر وتدفعه نحو مزيد من الإبداع، فعقل الإنسان كالأرض إذا لم تزرعها بالمعرفة نبت فيها الجهل.
فالقراءة تمنحك الشعور بالأمان وتضيف شعلةً مضيئةً في حياتك، فهي، وكما عُبِّر عنها، تكاد أن تكون واجبة لمن هو قادر، فنحن نعيش في عصر العلم والمعرفة. وحين سُئل الأديب والمفكر المصري الدكتور عباس محمود العقاد عن سرّ ولعه بالقراءة قال: إنَّ حياةً واحدةً لا تكفيني، أي إنها حياة ثانية، بمعنى أكبر، يضيف الإنسان عمرًا جديدًا لعمره.
في القراءة والتبصّر تزكية للنفس البشرية، ومن أعظمها التفكر في آياتِ اللهِ ومخلوقاتهِ، ومن دونها لن نتغير وسوف نبقى صامتين، ولن نقول شيئًا، ولن نكتب حرفًا. وقيل عن القراءة إنها على الأقل لا تُكابِدُك ولا تغدر بك، إنها - أي القراءة - واضحة في تعاملها معك، نقلاً عن الكاتبةِ الروائيةِ الجزائريةِ أحلامَ مستغانمي.
وفي نهاية هذا المقال نؤكد أنَّ القراءة والتبصّر ننهل منهما الكثيرَ من العلومِ والمعرفةِ، وتكسبنا رؤية ثمرة ما تعلمناه، كما تمنحنا فهماً لهذا العالم، ترفع من وعينا، وتحفّز على تنقيح الأفكار وتنميتها، وتساعدنا على أن نكون أصحاب إرادة قوية وأصحاب رأي مستقل، مبنيًّا على الفهم والتفكير الصحيح.