من الإنسان أخاف، لا من الذكاء الصناعي
منذ وُلد الذكاء الصناعي، والخشية من عواقبه تتزايد حتى من أقرب المقربين والجيران، آخرهم كان جيفري هينتون، الموصوف بعراب الذكاء الصناعي، والمطور لنظام الشبكات العصبية الاصطناعية، والذي قال إن مخاطر الذكاء الصناعي قد تكون خارج نطاق السيطرة البشرية.
لكن من يراجع تاريخ الاختراعات البشرية، سيرى أن الإنسان هو من يحول أغلب الاختراعات من مسارها النافع إلى مسارات بديلة وضارة، آخرها الطاقة النووية التي أصبحت أداة تدمير وقتل.
الذكاء الصناعي ليس خارج إطار الاختراعات السابقة، فبالإمكان جعله أداة نافعة تساهم في خدمة البشر وتطوير العلوم. فالذكاء الصناعي، مهما زود بالبيانات والشبكات العصبية، لن يصل إلى مكانة الإنسان التي اختصه الله بها. فمن أين لروبوت آلي مزود بالبيانات والشبكات العصبية القدرة على الإحساس بوجود الخالق العظيم في لحظة خوف داهمة؟ ومن أين له القدرة على الشعور بالعلاقات الإنسانية، كالأبوة والبنوة والأخوة وغيرها، وما يتبعها من أحاسيس داخلية مكنونة في وجدان الإنسان؟ فهي ليست لمسة مجردة وعابرة، أو رموشًا اصطناعية تهتز مع كل كلمة تقال أو تُسمع.
نعم، قد يتمكن من إظهار بعض تعابير الحزن والفرح والخجل، التي هي آثار عمليات نفسية وفسيولوجية، لكنها ليست بالضرورة صادقة وتحكي حقيقة ما.
فمن أين لروبوت آلي مزود بالبيانات والشبكات العصبية القدرة على الإحساس بالأنا، الإحساس العميق بالوجود، والخوف من الفناء الأبدي، أو الإحساس بالهوية والانتماء الديني والاجتماعي؟
الحقيقة أن الإنسان لا يبحث عن الخالق العظيم ليذعن ويقر بجلاله وهيمنته، بل ليتحدى ويكابر ويعاند ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
لأنه، وببساطة، حين يختفي الشعور بوجود الله وعظمته من وجدان الإنسان، ويخبو صوته في ضميره، تختفي صوره وصفاته، وتتلاشى الرحمة من قلبه، ويختل ميزان العدل والإحسان في نفسه.