آخر تحديث: 18 / 10 / 2025م - 1:28 ص

أتوقف لأجل نفسي

رياضة: التدرب على قبول الآخر

نجمة آل درويش‎ *

محاولتك الشديدة، وبدون لطف، لتغيير نفسك أو شخصيتك لكسب الآخرين، في الغالب لن تجعلك تكسبهم.

كمثال: عندما أرجع بذاكرتي إلى نفسي وأنا صغيرة، أذكر أنها كانت تميل إلى الانطواء. وهذا جزء من أنواع الشخصيات، ليس بالضرورة أن يكون مرضًا يجب أن تُشفى منه، فربما الله خلقك هكذا.

نبذة من علم النفس:

الانطواء «Introversion» هو سمة من سمات الشخصية كما وصفها عالم النفس كارل يونغ في نظريته عن الانبساط والانطواء. لا يعني الانطواء العزلة أو الانسحاب الاجتماعي بالضرورة، بل يشير إلى اتجاه الطاقة النفسية نحو الداخل، أي أن الشخص الانطوائي يستمد طاقته من التفكير والتأمل والهدوء، بينما المنبسط يستمدها من التفاعل والنشاط الخارجي.

تشير الدراسات إلى أن الانطواء يرتبط جزئيًا بعوامل وراثية وبيولوجية تتعلق بكيفية استجابة الدماغ للمحفزات، فالأشخاص الانطوائيون غالبًا لديهم حساسية أعلى للمثيرات الخارجية، لذلك يفضلون البيئات الهادئة لتجنب الإرهاق الحسي والعقلي.

ولا يُعد الانطواء اضطرابًا نفسيًا، بل هو نمط طبيعي من أنماط الشخصية، يحتاج فقط إلى الفهم والتقبّل لا إلى التغيير أو العلاج.

أن تعيش صراعًا بين ما يريده المجتمع منك وما تريده أنت، سوف يجعلك حتمًا تمرض وتصاب بالاضطراب.

كنت أحلم كثيرًا بأحلام اليقظة، وكانت لدي صورة لتطور المجتمع السعودي كما هو الآن. كنت أؤمن أن يومًا ما ستتغير بعض العادات البالية والتقاليد التي لا تخدم الخير في شيء، وسننتقل من مجتمع منغلق محدود الفرص إلى مجتمع رحب، من إغلاق الأبواب إلى فتح الفرص.

أقول هذا الكلام ليس لأثبت أنني أفضل شخص، بل لأؤكد لنفسي بالكتابة أنني إنسانة سوية، تفكر، وتقول، وتعرض، وتفسح المجال للترحيب بالتنوع، حتى في اختلاف الشخصيات.

أن نرحب ببعضنا، ونتقبل بعضنا باختلافاتنا، أن نعطي قبولًا وفرحًا للموجود، حتى في لقاءاتنا نفرح بالموجود. أن ترى وجه صديقك في الشهر مرة، أو في السنة مرة، جاءك بقلب صافٍ لا يحمل إلا الصفاء، فلا تجعله يذهب وهو يحمل الضغينة بسبب عتابك الذي لا فائدة منه.

نعم، هناك مَيَانة، وأعرف أن البعض سيقول: ”لولا المحبة لما عاتبنا“، لكن إن تكرّر ذلك العتاب، فإنه يُورث الضغينة، كما ورد عن رسول الله ﷺ.

أحسن الظن به، فربما - كمثال - ليست هناك لغة مشتركة بينكما، لا تناسب شخصيته.

المهم، اتركه كما يريد أن يكون، وتقبّل ما تراه منه، لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرًا.

للتذكير:

الكتابة ليست شهادة على المثالية، بل على السعي المستمر للتطور، والاعتراف بالهشاشة البشرية، وبأن التعثّر جزء طبيعي من حياة كل إنسان.