آخر تحديث: 18 / 10 / 2025م - 8:33 م

”الكشافة“ تودّع صوتها الحكيم وسفيرها الأبرز الدكتور عبدالله نصيف

مبارك بن عوض الدوسري *

برحيل معالي الدكتور عبدالله بن عمر نصيف عضو مجلس إدارة جمعية الكشافة العربية السعودية - تفقد الحركة الكشفية أحد أبرز رموزها العالميين الذين جمعوا بين الفكر والخلق والعمل، فكان - رحمه الله - صوتاً مسموعاً في المحافل الكشفية، ورمزاً مضيئاً في مسيرة الكشافة السعودية والعربية والعالمية.

لقد كان الدكتور نصيف بحقّ ”سفير الكشافة السعودية“؛ ليس فقط لتمثيله المشرف في المؤتمرات العالمية، بل لما كان يتمتع به من حكمة وبعد نظر وبصيرة نادرة، جعلته مرجعاً ومحل تقدير لدى القيادات الكشفية الدولية كافة؛ فقد كان وجوده في أي اجتماع أو مؤتمر يرجّح كفة الرأي الهادئ العاقل، ويمثل المملكة بأخلاقها وقيمها النبيلة، ويجسد مبادئ الحركة الكشفية التي تقوم على الواجب نحو الله والوطن والآخرين.

منذ أن انخرط - رحمه الله - في العمل الكشفي شاباً في المدرسة النموذجية الثانوية بجدة، ثم في عشائر الجوالة بالجامعة، وحتى توليه مواقع قيادية في اللجنة الكشفية العربية واللجنة الكشفية العالمية وصندوق التمويل الكشفي العالمي، ظل مثالاً للقائد الذي يخدم من أجل الآخرين بصمت، ويصنع الأثر دون ضجيج، ولم يكن يطلب منصباً ولا يسعى لمجد شخصي، بل كان يرى في كل مهمة تكليفاً لخدمة الشباب وبناء الإنسان.

وقد ترك معاليه بصمة لا تُمحى في كل موقع عمل فيه؛ من رئاسته الاتحاد العالمي الإسلامي للكشافة والشباب، إلى إشرافه على عشائر الجوالة في الجامعات السعودية، مروراً بمشاركاته المؤثرة في تأسيس صندوق التمويل الكشفي العربي ودعمه المادي والمعنوي المستمر له؛ فلقد كان يؤمن بأن الحركة الكشفية ليست مجرد نشاط شبابي، بل مدرسة لتربية القيم وصناعة القادة، لذلك كان من أشد المدافعين عن أصالتها وسمو أهدافها.

ولم يكن عطاؤه محلياً فحسب، بل امتد أثره إلى العالم كله، فقد حمل راية المملكة في المؤتمرات العالمية، وأسهم بجهوده وفكره في تطوير السياسات الكشفية الدولية، ونال على ذلك تقديراً كبيراً تمثل في أرفع الأوسمة الكشفية، منها وسام الذئب البرونزي من اللجنة الكشفية العالمية، وقلادة الكشاف العربي، والقلادة الكشفية الذهبية من جمعية الكشافة العربية السعودية، لكن أعظم وسام ناله كان محبة الناس وتقدير زملائه من مختلف القارات الذين رأوا فيه قائداً نبيلاً يجمع بين الأصالة والتواضع والحنكة.

لقد كانت فقدانه خسارة على الكشافة العالمية قبل المحلية، لأنه كان من القلة الذين جمعوا بين العمق العلمي والرؤية الإنسانية والالتزام بالقيم الكشفية في أسمى صورها، كان إذا تحدث أصغى الجميع، وإذا أشار احترمت كلمته، وإذا غاب ترك فراغاً لا يُملأ بسهولة.

إن رحيل الدكتور عبدالله نصيف لا يعني غياب اسمه، فبصماته ستظل حاضرة في سجلات الكشافة السعودية والعربية والعالمية، وفي قلوب كل من عرفه أو تتلمذ على يديه.

رحم الله هذا القائد الكبير، وجعل ما قدّمه في موازين حسناته، وجزاه عن الكشافة وأبنائها خير الجزاء.