آخر تحديث: 18 / 10 / 2025م - 8:33 م

لنجعل همومنا وقلقنا وراء ظهورنا أحيانا

جمال حسن المطوع

ما أحلى أن نعيش بين آونة وأخرى مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير، للتأمل والتدبر والتفكر والهدوء النفسي الذي نحن أحوج ما نكون إليه بمراجعة أوضاعنا بصورة استشرافية، ونترك همومنا ومشاكلنا وراء ظهورنا أحيانًا، لنشعر بلذة الحياة ومتعتها، خاصة ونحن نواجه طوفانًا من القلق والتوترات المتكالبة في زمن يمر بمخاض عسير، اختلط فيه الارتباك بالاضطراب، وأصبحت كلمة الحق غير مرغوبة، والسعي إليها صعب المنال في هذا العصر العصيب.

ولكن علينا بذل الجهد والسعي، وفي نهاية المطاف، التوفيق بيد الله سبحانه وتعالى، وكما قيل: عليك أن تسعى وليس عليك إدراك النجاح.

وعلى الضفة الأخرى نرى أن كلمة الباطل في واقعنا هي الناجزة والمقبولة، وذات صدى كبير، وهناك من يدعمها بكل ما أوتي من قوة طمعًا في مصالحه ورغباته الدنيوية. فالتناقض الحاصل بين القوتين المتضادتين يجعلنا حيارى وتائهين، بل منزعجين وفي مزاج سيئ، لا يحتمل ولا يطاق.

لذا علينا أن نغتنم ما نملك من فسحة من الفرار من هذا الجو المكهرب، مؤمنين بما يقال: ما كل ما يتمناه المرء يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

إذن، علينا تغيير الموازين إلى الأحسن والأفضل، وفي هذه الحالة ينبغي أن نتحلى بالصبر والهدوء والطمأنينة، ونشغل أنفسنا بالاستمتاع بما يبعدنا عن نكد الزمان وعجائبه، ونتناغم مع تلك الطيور ونستلهم منها جمال الطبيعة والمسالمة التي تدخلها على قلوبنا من البهجة والسرور.

نداعبها ونتسلى معها، صافعين الدنيا وهمومها ونوائبها إلى مكان سحيق، حتى نستمتع بتغريد البلابل وزقزقة العصافير التي تمثل الدواء لكل داء.

وما هذه السمفونيات التي تطلقها تلك الطيور الأليفة إلا تسابيح علمها إياها خالق الكون لتكون أداة لنا ورحمة ونعمة يتفاعل معها الإنسان الموحد، الذي يجد الله وعظمته تتجسد في مخلوقاته هذه، حيث قال الله تعالى في محكم كتابه:

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [الإسراء: الآية 44]

وهذه تسابيح قدسية نحتاج إليها في هذا الزمن الرديء… والله الموفق.