آخر تحديث: 18 / 10 / 2025م - 5:43 م

فحص وتحليل الذهب

أحمد بن جواد السويكت

الموضوع: تقرير عن فحص وتحليل الذهب
المكان: مصنع الجزيرة لصياغة الذهب في الدمام
تاريخ الزيارة يوم الأربعاء الموافق 2/4/1447 هـ

الأستاذ / سامي عبد الله المهنا - صاحب مصنع الجزيرة لصياغة الذهب في الدمام

يجهل كثير من الناس الطرق المستخدمة في فحص وتحليل الذهب، والتأكد من جودته ونقاوته. ومن خلال زيارتنا الميدانية لمصنع الجزيرة لصياغة الذهب بمدينة الدمام. ليتعرف القارئ الكريم على أهم الطرق المعتمدة لاختبار الذهب وتحديد عياره.

مع الأستاذ سامي عبد الله المهنا داخل معمل تحليل الذهب بمصنع الجزيرة، حيث تم الاطلاع على خطوات فحص عيارات الذهب بدقة، والتعرف على آلية العمل داخل المعمل.

طرق تحليل نسبة الذهب «تحديد العيار»

أساسيات الفكرة

1» امتصاص كل المعادن غير الثمينة المضافة إلى الذهب في الجفنة ”البوتقة“ مصنوعة من مواد خاصة، وترك الذهب النقي تمامًا والفضة المضافة على هيئة سبيكة صغيرة.

2» فصل الفضة عن الذهب بإذابتها في حامض النيتريك حيث يتكون محلول نترات الفضة ويبقي الذهب النقي.

الأولى: تحليل الذهب بالتجفين

هذه الطريقة تسمى بالتجفين بالفرن نظراً لدور الجفان في امتصاص المعادن غير الثمينة أثناء عملية الانصهار، وتُعد من أحسن وأدق الطرق لتحديد عيار ونسبة الذهب في العينة، وهي الطريقة المتبعة الآن في كبرى مختبرات ومصانع الذهب حول العالم، باعتبارها وسيلة معيارية دقيقة في تحديد العيار.

الأستاذ / سامي عبد الله المهنا [1]  خلال فترة دراسته عام 1984 م في مكتب التحليل الذهب بلندن، حيث كان يتلقى تدريبًا تخصصيًا في مجال فحص وتحليل الذهب، ضمن مسيرته المهنية الطويلة.

شرح تفصيلي لطريقة «التجفين» المستخدمة في تحليل عيارات الذهب، وتشمل الخطوات التالية: 

1- أخذ العينة

تُؤخذ عيّنة من المشغول أو السبيكة الذهبية باستخدام المقص أو المثقب - وفي حالة كانت السبيكة - تُؤخذ من الوجه والظهر والطرفين، مع الحرص على أن تكون العينة ممثلة لكافة أجزاء القطعة المراد تحليلها، لضمان دقة النتائج في تحديد العيار.

يتم سحب العينة من المشغول بطريقة دقيقة ومحترفة على يد الفني المختص، لضمان تمثيلها لجميع أجزاء القطعة وتحقيق نتائج تحليل دقيقة وموثوقة.

2- وزن العينة

تُوزن العينة بدقة عالية باستخدام ميزان إلكتروني حساس تصل دقته إلى 0,00001 غرام، وذلك لأن نتيجة التحليل تعتمد بشكل كبير على دقة الوزن. يتم تدوين وتسجيل الوزن في ورقة خاصة قبل بدء الفحص، مع التأكد قبل بداية وزن العينة من أن مكان الوزن خالٍ تمامًا من أي تيارات هوائية أو اهتزازات قد تؤثر على قراءة الميزان.

يجب تثبيت الميزان الإلكتروني الحساس على طاولة ثابتة وغير متحركة، داخل موقع مخصص له، لضمان دقة الوزن وتجنب أي تأثير ناتج عن الاهتزازات أو الحركات الخارجية.

ميزان إلكتروني حساس يتميز بدقة عالية تصل إلى خمسة أرقام عشرية، ما يجعله مثاليًا لقياس الأوزان الدقيقة جدًا، مثل وزن عينات الذهب في المختبرات المتخصصة.

3- إضافة الفضة النقية

بعد وزن العينة بدقة، يتم خلطها بكمية من الفضة النقية تعادل ضعفين ونصف من وزن الذهب الموجود فيها. وفي حال كانت العينة من عيار أعلى من 21 قيراطًا أو كانت سبيكة نقية، يُضاف إليها أيضًا مقدار مناسب من النحاس النقي إلى جانب الفضة النقية، وذلك لتجهيزها بشكل مناسب لتحليلها باستخدام طريقة التجفين.

4- لف العينة في شريحة من الرصاص

تُوضع العينة المكوّنة من الذهب والفضة داخل صفيحة من الرصاص النقي تزن نحو 6 جرامات، حيث يتم لف الصفيحة بإحكام حول العينة. بعد ذلك، تُوضع هذه الصفيحة داخل الجفنة ”البوتقة“. ويُستخدم الرصاص للمساعدة على الصهر وأكسدة المعادن غير الثمينة، مما يسمح له بالتغلغل داخل مسام الجفنة، كما يساعد الرصاص في تثبيت العينة داخل الجفنة ”البوتقة“، لمنع تسرب أو فقدان أي جزء منها أثناء عملية التسخين.

الجفنات أو البواتيق تُصنع غالبًا من مسحوق العظام المحروقة، وذلك لقدرتها على تحمل درجات الحرارة العالية، كما تتميّز بقدرتها على امتصاص المعادن غير الثمينة.

عينات الجفنات بعد خروجها من الفرن الحراري، تظهر بشكل متغيرة بشكل واضح نتيجة لعملية التجفين التي أجريت عليها. وتعتبر هذه الجفنات غير صالحة للاستعمال مرة أخرى.

5- تجهيز الجفنات في الفرن الحراري

تجهيز الجفنات أو البواتيق في داخل الفرن، ثم يُشغّل الفرن بدرجة حرارة منخفضة تدريجيًا. كما يتم توزيع الجفنات داخل الفرن لضمان توزيعٌ حراريٌّ متساوٍ لكل واحدة منها. هذه الخطوة ضرورية لتجنّب التكسّر عند الوصول للحرارة العالية.

 

وضع وتجهيز الجفنات باستخدام الملاقط داخل الفرن لتسخينها «من قبل المختص».

6- تجهيز الفرن الحراري وضبطه

بعد وضع عينات الجفنات في داخل الفرن، تُرفع حرارة الفرن الحراري تدريجيًا لتصل إلى درجة التشغيل «تتراوح غالبًا بين 1063 إلى 1100 درجة مئوية»، لتصبح الجفنات جاهزة لاستقبال العينات.

5- عملية التجفين «الصهر»

توضع العينة المراد تحليلها في الجفنة ”البوتقة“ «مقاومة للحرارة» سبق تسخينها بدرجة الحرارة اللازمة في داخل الفرن الحراري جيد التهوية تصل حرارته إلى حوالي «1100» درجة مئوية لمدة من خمس عشرة إلى عشرين دقيقة، حتى ينصهر الرصاص وامتصاص الجفنة جميع المعادن غير الثمينة والشوائب أثناء الصهر، تاركة المعادن الثمينة فقط «الذهب والفضة» على تجويف سطحها على هيئة فقاعة سائلة تتحول بالتبريد إلى حبة معدنية صغيرة.

 

عينات من الجفنات أو البواتيق في داخل الفرن الحراري أثناء عملية التجفين

6- إخراج العينة من الفرن الحراري

عند اكتمال عملية الانصهار، تُسحب الجفنة ”البوتقة“ التي بها العينة من الفرن الحراري بعد 15 إلى 20 دقيقة، باستخدام ملاقط معدني بقرص يحمي الأيدي من حرارة الفرن، ثم تُفصل عن الجفنة «البوتقة» التي تقوم بامتصاص المعادن الغير الثمينة من النحاس والرصاص وغيرها ويبقي بها المعدنان الثمينان «الذهب والفضة» فقط على سطح الجفنة ”البوتقة“ ثم بعد فترة يتم تحريكها لمنع التصاقها بالجفنة ”البوتقة“. بعد ذلك، تُنظف العينة بالفرشة وتُطرق يدويًا بالمطرقة حتى تأخذ شكل زر دائري صغير.

الجفنات بعد إخراجها من الفرن، وقد تحولت العينات على سطح الجفان المقعرة إلى شكل الحبة نتيجة لعملية الصهر تحت درجات حرارة عالية.

7- ماكينة السحب

تضغط على المكبس وتصفح العينة بواسطة ماكينة السحب، لتحويلها إلى شريحة رقيقة لتكون سهلة الحل. بعد ذلك، تُخمر على نار هادئة لاكتساب الليونة المطلوبة لكي لا تشقق العينة أثناء الطرق والسحب، ثم تُلف بشكل حلزوني استعدادًا لوضعها في حامض النيتريك.

ماكينة سحب العينات ذات الحجم الصغير

ماكينة السحب ذات الحجم الكبير

8- جهاز السيليكا

توضع العينة داخل جهاز مصنوع من مادة السيليكا أو البلاتين، وهما من المواد المقاومة لدرجات الحرارة العالية. يتميز هذا الجهاز بتصميمه المقسم والمثقّب إلى فتحات صغيرة جدًا، تتيح وضع ما يصل إلى 16 عينة في آنٍ واحد، مما يسهّل تحليل عدد أكبر من العينات وفي وقت واحد. مع ضرورة وضع عينة معيارية من الذهب الخالص «عيار 24 قيراط» ضمن العينات المراد تحليلها، وذلك للتحقق من دقة وسلامة عملية التجفين ومطابقة النتائج.

جهاز السيليكا الذي يُستخدم لوضع العينات المراد تحليلها بطريقة منظمة داخل حمض النيتريك أثناء عملية الفصل أو الحل.

9- فصل الفضة

المرحلة الأولى:

يُوضع جهاز السيليكا المحتوي على العينة داخل بيكر زجاجي مملوء بمزيج من حمض النيتريك والماء المقطر المخفف إلى تركيز 24 درجة بومية «ويُقاس ذلك باستخدام الهيدروميتر، وهو أداة لقياس كثافة الحمض». يُسخن البيكر على حمام كهربائي أو باستخدام مصباح غاز لمدة 15 دقيقة بعد الغليان، حتى تزول الغازات الناتجة عن تفاعل الفضة مع الحمض. بعد ذلك يتم إخراج جهاز السيليكا، ويتم غسله جيدًا باستخدام الماء المقطر ثلاث مرات لضمان إزالة أي بقايا حمضية.

 

الهيدروميتر لقياس كثافة الأحماض

المرحلة الثانية:

ينزع الجهاز من الحمض الأول، ثم تُنقل السيليكا التي تحتوي على العينة إلى بيكر زجاجي آخر، ثم يغير بحمض النيتريك آخر قوته 34 بومية، ويغلي مدة 15 دقيقة. بعد انتهاء المدة، يُرفع البيكر مع حامل السيليكا، وتُغسل العينات جيدًا باستخدام الماء المقطر ثلاث مرات لضمان إزالة أي بقايا من نترات الفضة. وتُعد هذه الخطوة أساسية في فصل الفضة عن الذهب تمهيدًا لقياس وزن الذهب النقي بدقة وتحديد العيار النهائي.

بيكر زجاجي بداخله حاملة السيليكا الذي يحمل العينة «المكونة من الذهب والفضة» حيث يقوم الجهاز بتسخين حمض النيتريك داخل البيكر، مما يؤدي إلى إذابة الفضة الموجودة في العينة، بينما يبقى الذهب غير متأثر.

يقوم الفني المختص بمراقبة الغازات الناتجة من تفاعل العينة في حامض النيتريك.

10- تجفيف العينة

يستخدم ملاقط لحمل البيكر الزجاجي المحتوي على الحامض الثاني، ويُغسل جهاز السيليكا المحتوى على العينة، جيدًا بالماء المقطر عدة مرات لإزالة أي بقايا من نترات الفضة. بعد ذلك، يُوضع في فوهة الفرن لمدة دقيقتين بدرجة حرارة لغاية 260 مئوية لتجفيف العينة. وعند انتهاء من التجفيف، يظهر الذهب بلونه الذهبي الأصفر الطبيعي، ذات نقاوة بنسبة 100%.

يتم إدخال العينات إلى فوهة الفرن بهدف تجفيفها بالكامل، وذلك لضمان خلوّها من أي رطوبة قد تؤثر على نتائج التحليل.

11- الوزن النهائي للعينة

بعد الانتهاء من عملية التجفين بالكامل، تُعاد العينة إلى الميزان الحساس لقياس وزن الذهب النقي بدقة. تُسجَّل قراءة الوزن بعناية، كونها تمثل الكمية الصافية من الذهب النقي في العينة.

12- حساب النتيجة النهائية لتحديد العيار

نسبة الذهب الألفية في العينة = وزن العينة بعد التحليل / وزن العينة قبل التحليل

مثلا: العينة التي وزنت بمقدار 500 مليجرام قبل التحليل، ووزن بعد تنقيتها كان مثلا 437.5 مليجرام، تقسم وزن العينة بعد التحليل على وزن العينة قبل التحليل وتكون النتيجة عيار الذهب بالألفية.

437.5 / 500 = 875 في الألف

إذا العينة تكون مطابقة لعيار 21 قيراط

الثانية: طريقة اختبار الذهب بالمحك

يُعد اختبار المحك الأسود وسيلة سريعة وبسيطة لفحص المشغولات الذهبية، ويُستخدم غالبًا من المختصين في محلات الذهب كاختبار مبدئي لتقدير العيار بشكل تقريبي، دون الاعتماد عليه كأداة تحليل دقيقة.

أدوات اختبار الذهب بالمحك

التركيبات الحمضية لاختبار الذهب

الأحماض المستخدمة في اختبار الذهب بواسطة المحك «حجر الأسود» هي أحماض مركّبة تُستخدم للكشف عن عيار الذهب، وتكون بنسب وتركيزات مختلفة حسب كل عيار وهي كالتالي:

1- تحضير محلول بنسبة «9 نيتريك إلى 1 ماء مقطرًا» للكشف السريع عن الذهب الواطي منخفض العيار.

2- تحضير محلول بنسبة «7 نيتريك إلى 2 الهيدروكلوريك + 1 ماء مقطرًا» لاختبار عيارات «14 و 18 قيراط».

3- تحضير محلول بنسبة «6 نيتريك إلى 4 هيدروكلوريك» لاختبار عيارات «20 و 21 قيراط».

علمًا بأن هذه التركيبات الحمضية تُباع جاهزة في محلات لبيع الأدوات والمعدات الخاصة بالذهب، حيث تكون مُحضّرة بدقة لكل عيار على حدة، مما يسهل على الصائغ استخدامها مباشرة دون الحاجة إلى تحضيرها أو خلطها يدويًا.

طريقة اختبار الذهب بحجر المحك

1- تحضير حجر المحك

يُستخدم حجر أسود، لاحتكاك المشغول الذهبي عليه.

2- حك المشغول الذهبي

يقوم المختص بحك مشغول الذهبي المراد فحصه على سطح الحجر حتى يرى أثر الذهب على حجر المحك.

3- استخدام الحمض

يتم وضع فوق المشغول الحامض المخصص لعيار 18 قيراط، فإن اختفى الأثر أو تلاشي بسرعة علمنا أنه عيار أقل من 18 قيراط.

4- مراقبة الحمض

إذا لم يتأثر المشغول بالحمض، فغالبًا يكون الذهب من نفس العيار أو أعلى.

6- الذهب المقارن

يحك بجوار العينة «المشغول» مقارنات من الذهب معروف العيار.

مع ملاحظة: رغم أن هذه الطريقة تُستخدم للتقدير السريع، إلا أنها لا تُغني عن التحليل الدقيق المعروف بطريقة ”التجفين“، والتي تُعتمد في المختبرات لتحديد عيار الذهب بدقة عالية.

شرح طريقة اختبار الذهب باستخدام حجر المحك «من قِبل المختص»

* الأستاذ / أحمد بن جواد السويكت اختصاصي في مجال الذهب والمجوهرات وحاصل على شهادات في مجال الذهب والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة من الأكاديمية الدولية لعلوم المجوهرات (GIA) عام (1998م) وله مؤلفات عديدة في مجال الذهب والمجوهرات، كما كتب مقالات متخصصة نشرت في عدد من المجلات السعودية الرائدة مثل: القافلة، الفيصل، الاقتصاد، أهلا وسهلا.. ويمتلك خبرة علمية تمتد لأكثر من 34 عامًا في مجال الذهب والمجوهرات.
[1]  الأستاذ سامي عبد الله المهنا من أبرز الخبراء في مجال فحص وتحليل الذهب بالمنطقة الشرقية. نال شهادة تحليل الذهب من مكتب التحليل في لندن عام 1984م، وتدرّب على يديه العديد من العاملين في هذا المجال، مما جعله مرجعًا معتمدًا فيه. كما تخرج في نفس العام من مكتب بورصة لندن للألماس والأحجار الكريمة، مما يبرز كفاءته العالية ومكانته المهنية المرموقة.