آخر تحديث: 10 / 12 / 2025م - 6:18 م

إثراء.. الرفيق قبل الطريق

عبد الباري الدخيل *

أمس، اختتم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» فعاليات النسخة العاشرة «2025 م» من مسابقة «أقرأ» تحت شعار «أثر القراءة لا يزول».

مسابقة «أقرأ» انطلقت قبل سنوات كمبادرة من «إثراء» لزرع عادة القراءة لدى الأجيال الناشئة، وتقديم نموذج من التنافس الإيجابي حول تملّك النص وفهم مقاصده، إلى جانب تشجيع المدارس والمعلمين على الاستثمار في برامج القراءة.

شهدت الدورة العاشرة مشاركة واسعة؛ فبحسب بيانات منظمي المسابقة بلغ عدد المشاركين عشرات الآلاف في مراحل المسابقة التمهيدية عبر العالم العربي، وبرزت المنافسة النهائية بين ستة قرّاء مثّلوا دول المملكة العربية السعودية والمغرب والجزائر وليبيا وتونس.

وقد تُوِّجت نسرين أبو لويفة «ليبيا»، بلقب «قارئ العام» بحسب قرار لجنة التحكيم، ونالت سارة بن عمّار «الجزائر»، لقب «قارئ العام» بتصويت الجمهور، وحازت هبة يايموت «المغرب»، جائزة أفضل نص، بعد أن قدمت نصًّا مؤثرًا من حيث البناء الأدبي والبعد الموضوعي، ما جعل لجنة التحكيم تمنحها هذه الجائزة المتخصصة.

وتم تكريم فريق المناظرة، وهو فريق الادعاء المكوّن من أمين شعبان «تونس»، ويونس البقالي «المغرب»، وسارة بن عمّار «الجزائر» بلقب مناظر العام نظرًا لأدائهم المتميز في فقرة المناظرة.

أما لانا الغامدي «السعودية»، فقد فازت بلقب القارئ الواعد، وهو تكريم للمواهب الشابة التي تُظهِر إمكانات واضحة للارتقاء في مضمار القراءة العامة والقدرة على الأداء أمام الجمهور.

وهناك جوائز أخرى أيضًا، لكن حديثي ليس عن المسابقة بل عن الرفيق في هذه الرحلة الجميلة.

فمنذ ثلاث سنوات توافقتُ والأساتذة: عيسى العيد وحسن آل جميعان والسيد محمد التاروتي، على أن نحضر هذه المسابقة بكل تفاصيلها، وفعالياتها، والاستفادة القصوى من كل ما يمكن الاستفادة منه في التفاعل الثقافي، والتعارف والتعرّف والتعريف.

يمتاز هذا المربع بأنه متجانس، فهنا نكتة، وبعدها تعليق جميل، ومعلومة مفيدة، وهكذا تمضي الرحلة بين الجدّ والمزاح، والفائدة للنفس والترويح وزيادة الوعي والمعرفة.

ومن خلال المعارف السابقة بالمثقفين والعلماء والكتاب، يتنقل الرباعي من زهرة إلى أخرى، فهنا كاتب يعرفه الأخ حسن فيبادر بالسلام عليه: الدكتور حسن الناظم؟ أنا فلان وهؤلاء أصدقائي فلان وفلان.

وأُبادر بالسلام على الدكتور حمزة المزيني فيعرفني بوالد المتسابقة نسرين أبو لويفة من ليبيا، ونلتقي به مرة أخرى فأعرف الشباب عليه ويدور حديث حول حضوره ومشاهداته في المسابقة، ورأيناه يبكي بعد أن فازت ابنته بجائزة قارئ العام.

ويصادف السيد التاروتي والد المتسابق يونس البقالي من المغرب، فيبحث معه عن جذور هذا المتسابق، وكيف وصل إلى هذا المستوى؟ ثم ينقل لنا هذه المحادثة، وكيف خرج هذا المتميز من بيئة عادية فأبوه فلاح، وأمه أميّة لا تقرأ ولا تكتب، لكن وجود مدرس اهتم به وطوّر موهبته جعله يصل إلى منصات التتويج.

وكان السؤال الملح على جلستنا: لماذا خمسة من المتسابقين من المغرب العربي؟

وحملنا هذا السؤال لكل من التقيناه من الضيوف، وقد تعددت الإجابات، إلا أن جواب الدكتورة رقية أشمال أستاذة القانون في جامعة محمد الخامس في الرباط كان جميلًا: الشباب عندنا يجدون في القراءة انعتاقهم.

وتمر الليلة الأخيرة ونفترق على وعد أن نلتقي العام القادم في إثراء، وعلى رفقة جميلة متجددة إن شاء الله.