الدكتور الطاهر يحذّر من تخويف الأطفال ب ”أم السعف والليف“

أكد دكتور علم النفس مهدي الطاهر على أهمية توليد الإنفعالات الإيجابية وإضعاف السلبية وإن كانت موروثة، وذلك لتأثيرها الكبير على كيمياء الجسم والبنية الذهنية والنفسية والإجتماعية للفرد.
وأشار ضمن سلسلة محاضراته بعنوان ”الإنفعالات في القرآن الكريم“ في مركز رفاه وبالتعاون مع دار الفرقان لعلوم القرآن الثلاثاء الماضي، إلى دور الإنفعالات في منح الحياة المعنى والطعم، وتميز الإنسان بها على بقية المخلوقات.
ودعا إلى تفعيلها في الجانب الإيجابي وتوجيهها الوجهة الصحيحة، فالشجاعة ضمن استعدادات الفرد وزيادتها من التهور، ونقصها من الجبن، كما ورد في الحديث الشريف ”تخيروا لنطفكم فان العرق دساس“.
ولفت إلى تأثير الشعور بالسعادة والحزن في كيمياء الجهاز العصبي بزيادة مستوى الإدرينالين وانخفاضه.
وشدد على حاجة الانفعالات إلى التدريب، خاصة في الثلاث سنوات الأولى بالتأكيد الإيجابي، والوضوح في الحدود بدون تنازل أو تذبذب في ممارستها، وتعتمد على غرس القيم والسلوك الإيجابي بالتدريب التدريجي، ومشاهدة النماذج الإيجابية.
وحذّر من التعارض والتذبذب بالتدريب؛ في الإستسلام للإحباط والفشل، والممارسات الغير سوية، أو الظن السيء بالله، وعدم التعامل مع تلك الخبرة بالصورة المطلوبة.
وتطرّق لمكوّنات الإنفعال وتتمثّل في ”الخبرة الشعورية، والإستجابة الفسيولوجية، والسلوكية“، فالمشاهد المخيفة تؤثّر في إفراز الأدرينالين والهرب، والمشاهد السعيدة تفرز الأندروفين وتولّد الشعور بالفرح والراحة.
ودعا لمراعاة الدوافع وما ينتج عنها من انفعالات، كحاجة المراهق لمساحة من التقدير والإهتمام والإستماع لرأيه.
ولفت إلى ماينتج عن التهميش من التوتر، فقد يلجأ للصديق ويتمرد على الوالدين، وقد يغيّر اتجاهاته ويمارس السلوك المخالف لرضا الأسرة.
وعرّف انفعال الخوف بأنه رد فعل عصابي يشمل مشاعر ذاتية ويتميز بتغيرات جسمية، لافتا إلى أنه حالة إيجابية من الإستعداد للخطر، والإهتمام بعواقب الأعمال.
وأشار إلى أن الخوف انفعال فطري يدفع للهرب والحفاظ على الذات، كخوف الطفل من العمق ”الإرتفاع“ والصوت العالي، وتزداد مواضيع خوفه المكتسب بتغير العمر.
وذكر الفرق بين القلق والخوف، في أن القلق ”توجس من المستقبل“، كالقلق من ”نتيجة الإختبار، والمرض“.
ولفت إلى إيجابياته في رفع مستوى الحماس للإنجاز، بينما يؤدي ارتفاعه لضعف التركيز، والإصابة بالأمراض المختلفة كالقولون والقرحة والشقيقة والسكري وغيرها.
وأوضح أن موضوع الخوف المرضي لا يخيف بطبعه، محذّرا من تلقين الطفل وشحنه بالمخاوف المختلفة والتي تثير لديه مخاوف متعددة كتخويفه من الحشرات أو الظلام أو موضوعات وهمية ”كأم السعف والليف“.
كما حذّر من تأثير الخوف والأفكار اللاعقلانية على تحريك أكثر الإنفعالات تأثيرا في البنية النفسية للطفل، وإصابته بالتردد وعدم القدرة على المبادرة، والإنجاز، والشعور بالخجل.
وأشار إلى أن المخاوف موجودة لدى الجميع بنسب متفاوتة مع اختلاف الدرجة والنوع، وتظهر في الخوف الطبيعي لدى الطفل بالحذر والتردد من الظلام، ومن الجديد بالإستغراب كالمكان أو الوجوه الجديدة.
واشار الى أنه أمر طبيعي وينم عن إدراك ويحتاج لتشجيع للتعامل الصحيح، وعدم زجّه ودفعه للتعامل معه، حتى لا يؤدي لردة فعل لاحق بالإبتعاد بدلاً من الإقبال.
وتطرّق لأثر ”الوسط الاجتماعي، والتدريب الخاطيء“ في ظهور الخوف المرضي العصابي «الفوبيا»، إلى جانب أصوله الوراثية، ومن أنواعه ”الوسواس القهري، الفوبيا، الوهن النفسي، والتوهم المرضي“.
وشدّد على أهمية علاج المخاوف بصورها المختلفة، وسرعة التخلص منها، حتى لا تنهك البنى النفسية، وتتعب صاحبها.
ونوّه إلى الناس تتحاشى الذهاب للمختص النفسي لظنهم أنه يهتم فقط بمعالجة المجانين، بينما هو يتعامل مع كل اضطرابات السلوك الحركي واللغوي والإجتماعي والإنفعالي والجنسي وغيرها، للصغار والكبار والذكور والإناث.
وذكر أن للخوف فوائد إلى جانب الحيطة والحذر، ومنها تجنّب الوقوع في الذنوب والمعاصي، وأشكال الحرام من السلوك الفردي أو المجتمعي، وطريق للتقوى والإستقامة.