طبيبة ورائدة فضاء.. تبيعان العصير في شوارع القطيف

على ناصية الطريق وفي ركن قصي بطرف دوار القلعة في قلب مدينة القطيف تجلس كل مساء صبيتان في عمر الورد تبيعان العصيرات الطبيعية التي تحضرانها بأيديهما من صنع منزلي خالص.
لا يبدو المنظر غريبا جدا، خاصة مع حلول شهر رمضان المبارك اذ من الدارج رؤية باعة العصيرات الطبيعية في الكثير من الشوارع الرئيسية في المنطقة.
غير ان قصة هاتين الصبيتين اللتين تحفظتا على ذكر اسميهما تبدو مختلفة إلى حد ما. ولربما صنفت ضمن قصص الكفاح من أجل لقمة العيش الشريفة على المستوى المحلي.
تقول كبرى الصبيتين لـ ”جهينة الاخبارية“ والتي تدرس في المرحلة الثانوية فيما تدرس أختها في المرحلة المتوسطة أن فكرة بيع العصيرات جائتها بغرض استثمار وقت فراغها بالدرجة الأولى.
وإلى جانب العصيرات المتنوعة ومنها عصير الرمان والليمون بالنعناع والمانجو تبيع الأختان أيضا الفلافل وورق العنب وجميعها من صنع أيديهما وكلها خالية من أي اضافات غير طبيعية.
المفاجئ في الأمر ان الصبيتان اللتان تحدثتا لجهينة الاخبارية على استحياء بدأتا عملهما منذ نحو عام واحد ولم تتخلفا يوما عن الحضور لنفس الزاوية وممارسة هوايتهما في بيع العصير متجاهلتين حر الصيف وبرد الشتاء.
سألناهما؛ وماذا عن أوقات هطول المطر الذي شهدته المنطقة في الاونة الأخيرة على فترات متقطعة فأشارت الكبرى باصبعها إلى ركن بناية قريبة وقالت ندع بضاعتنا مكانها ونذهب عند ذلك الركن حتى يهدأ المطر ثم نعود.
المثير في الأمر ان جلّ بضاعة الصبيتين احتوتها طاولة صغيرة متنقلة مع كرسي واحد تتناوبان الجلوس عليه، على بعد خطوات من أحد أكبر المطاعم الحديثة في القطيف اضافة الى العديد من المطاعم والبوفيهات الأصغر.
ومع شدة المنافسة غير المتكافئة مع المطاعم المحيطة بهما من كل جانب قالت الصبيتان انهما سعيدتان بما تجنيانه من المال يوميا.
وبين الحين والآخر يقطع حوارنا أحد المارة ليشتري عبوة عصير من سعة لتر واحد وليمضى في سبيله بعد دفع الحساب. كما يصادف أيضا أن يتوقف بعض السائقين لشراء العصير لتقوم احدى الفتاتين بمناولتهم العبوات وقبض الثمن ويمضوا في طريقهم سريعا.
وعن مذاكرة دروسهما خاصة هذه الأيام مع امتحانات نهاية العام قالتا بأن عملهما لا يتعارض أبدا مع أوقات المذاكرة. وقالت الكبرى انها من المتفوقات والآوائل على مستوى مدرستها بنسبة نجاح لا تقل عن 98 بالمئة.
وعن أحلامهما قالت الكبرى التي درجت على تغطية وجهها ب ”البوشية“ أن حلمها أن تلتحق بالجامعة لدراسة الطب البشري فيما قالت الصغرى والابتسامة ترتسم على وجهها أنها تحلم بأن تصبح رائدة فضاء.
وعن دعم عائلتهما قالتا انهما يلقيان كامل الدعم والتشجيع في مشروعهما. إلا انهما في الوقت نفسه، ولأسباب لم تفصحا عنها، تتحفظان بشدة عن ابلاغ زميلاتهما بعملهما.
قبل أسابيع تابعنا قصة طبيبة قطيفية مرموقة قالت أنها عملت في مقهى شهير قبل أن تتولى منصبا طبيا مرموقا في أحد أكبر المستشفيات الأمريكية.
من يدري، فلربما نرى في غضون سنوات قليلة فتاتين تتحدثان عن تجربتهما في بيع العصير في شارع الملك عبدالعزيز في القطيف قبل أن تصبح احداهما طبيبة مرموقة والأخرى رائدة فضاء. ولله في خلقه شئون!