حسين سلام.. سينمائي سعودي احترف حصد الجوائز الدولية

توّج السينمائي السعودي حسين سلام بثلاث جوائز دولية كأفضل مدير تصوير وإضاءة عن فيلم ”الذكرى المفقودة“ للمخرج مهند الكدم، وترشّح الفيلم ذاته لأكثر من سبع جوائز كأفضل مدير تصوير وإضاءة.
”العرب“ التقت المنتج ومدير التصوير السينمائي السعودي، فكان هذا الحوار.
تعلق المنتج ومدير التصوير السينمائي السعودي حسين سلام والمستقر بالولايات المتحدة منذ أكثر من سبع سنوات في مدينة لوس أنجلس، بالكاميرا الفوتوغرافية الفيلمية منذ صغره ليجد نفسه لاحقا عاشقا للصورة المتحركة.
يقول ”وجدت بين جدران منزل جدي من أمي الكثير ممّا ألهم كاميراتي، فكثيرا ما كنت أتأمّل في تلك الخربة ‘الزيبه’ وهي بالمصطلح العامي في القطيف تعني ‘الحضيرة’ التي كان أغلب الأهالي يمتلكونها، فمنهم من يُربّي المواشي والأبقار والدجاج وغيرها طلبا للرزق“.
ويضيف"كذلك قلعة تاروت الأثرية والصورة الجميلة التي رُسمت في ذاكرتي منذ الصغر والبحر المحيط بجزيرة تاروت من كل جانب، كل ذلك أعطاني إلهاما كبيرا في صورتي السينمائية.
ويقول فعديدة هي المرات التي كنت أراقب فيها شروق الشمس وغروبها في كل من ‘الزيبه’ وجزيرة تاروت والبحر، هذا المحيط الطبيعي على اختلاف مفرداته لعب دورا في تشكيل رؤيتي وعلاقتي مع تقلبات الطبيعة من يوم مشمس، غائم، بارد، حار، ممطر، ويوم عليل.
ويضيف أيضا مشاهداتي للكثير من الأعمال الفنية كوّنت لديّ حصيلة وخزينة فنية ولّدت عندي شغفا بصريا وحالة لتكوين صورتي السينمائية الخاصة".
حول تجربته مع فيلم ”الذكرى المفقودة“ للمخرج مهند الكدم الذي حصل مؤخرا على جائزتين دوليتين ونال من خلاله حسين سلام جائزة أفضل تصوير سينمائي في مهرجان ”روكي ماونتن الدولي“ بالولايات المتحدة، وكذلك مهرجان كرون وود الدولي في الهند، بالإضافة إلى ترشيحه عن الجائزة نفسها لسبعة مهرجانات دولية.
يذكر سلام ”جمعتني الصدفة بالمخرج الصديق مهند الكدم بعد معرفة من خلف الشاشة لأكثر من عشر سنوات قبل أول عمل يجمعنا وهو ‘الذكرى المفقودة’.. حماستي للعمل جاءت فور قراءتي للنص منذ الوهلة الأولى. لكنني في نفس الوقت كنت أجهل كثيرا طبيعة مرض الزهايمر وتأثيراته على مريضه، إلاّ أن البحث الذي تمكن مهند من جمعه ساعدني كثيرا في تصوّر رؤيته للفيلم النهائي خلال عمليات التصوير“.
وتدور قصة فيلم ”الذكرى المفقودة“ حول مريض زهايمر خلال مراجعته مع الطبيب المختص، يقوم الطبيب بسؤاله عن آخر ذكرياته ليقيّم مستوى الذاكرة ولأي مرحلة وصل المرض. يبدأ المريض بسرد ذكرياته ويعاني في تذكّر بعض تفاصيل الذكريات إلى أن يصل إلى أهم حدث فلا يتذكّره.
ويضيف سلام ”اللقطات الطويلة الهادئة والتي تجعلك تتمعّن في كل حركة وسكون من الممثل تضعك في تساؤلات كثيرة: ماذا يدور في ذهن هذا الرجل؟ ولماذا شيئا فشيئا يفقد جزءا من حواسه ويفقد قدرة التعبير عن نفسه؟“.
وتمّ تصوير العمل في لوس أنجلس وعلى مدى يومين، سبقته تحضيرات امتدت إلى ثلاثة أسابيع. وقد حرص المخرج على أن يكون الفيلم بطاقم عمل يغلب عليه السعوديون والعرب بشكل عام، وقد نجح في ذلك بنسبة تصل إلى 90 في المئة، حيث نفّذ كل شخص مهمته على أكمل وجه.
ويقول سلام ”كشخص مسؤول عن تصميم الإضاءة السينمائية حاولت كثيرا أن أضع نفسي في موقع الشخصية، وكيف لها أن ترى العالم الخارجي والمحيط بها، فأحيانا كانت الإضاءة الدافئة المعبّرة عن أهمية الحدث في ذكريات الشخصية، وتارة الإضاءة الحارة لتوصل مشاعر الشخصية في عدم تمكنها من تذكر الأحداث كما كانت“.
ويؤكّد حسين سلام انتماءه إلى مدرسة الواقعية، التي يراها أكثر المدارس السينمائية اتصالا بالجمهور، تمثلهم وتمثّل لهم، تصوّر جميع الطبقات دون تزييف، فتزيد من التفاصيل الحقيقية التي قد لا يدركها الكثيرون.
ويضيف ”منذ وصولي إلى مدينة لوس أنجلس في 2013 وحتى الآن عملت كمدير تصوير سينمائي لأكثر من ثلاثة أفلام طويلة، ولأكثر من مئة فيلم قصير، وأعمال دعائية لشركات معروفة، وأربعة مسلسلات لمنصات حديثة“.
ويقول"أكثر ما يشجّعني على قبول أي مشروع عمل هو التجربة الجديدة: نص جديد، مع مخرج جديد، وطاقم عمل جديد مختلف عن الذي قبله.
ويضيف وذلك بالإضافة إلى أمور أخرى منها التأكّد من إعطائي كمدير تصوير وإضاءة مساحة من الحرية وليس مجرد منفّذ فقط، وهذا التأكيد يُطرح على الطاولة منذ أول لحظة لأتمكّن من رفع سقف العمل إلى أعلى درجة ممكنة".
ويؤكّد سلام أنه من أحباء العمل في بيئة حوارية بين ثلاثي الإبداع: المخرج، مدير التصوير، ومصمّم الإنتاج، مضيفا"لو فتّشت في أي عمل ناجح لوجدت أن هؤلاء الثلاثة لا بد لهم أن يتناقشوا كثيرا للوصول بالعمل إلى الكمال، فكل منهم يخدم مصلحة العمل بأدواته الفنية.
استبشر حسين سلام كغيره من العاملين في صناعة السينما بالسعودية خيرا بعودة صالات السينما إلى المملكة كخطوة وبادرة أولى تسمح للسعوديين، كحد أدنى، بمتابعة الأفلام التي كانوا يقطعون لها مسافات طويلة، وأحيانا تذكرة سفر من أجل أن يستمتعوا بمشاهدتها.
ويضيف"لو لم أر جدية من المسؤولين في الحكومة على دفع عجلة الفن والإنتاج السينمائي خاصة، لما كنت متفائلا بالقرار، لأنه سوف يكون كأي دولة لديها فقط دور عروض سينمائية وليس لديها توجّه لإنتاج سينمائي.
ويقول ولكن مع تشكيل هيئة الأفلام التي يترأسها المخرج عبدالله آل عياف تأكّدت لنا جدية وقوف المسؤولين خلف عجلة الإنتاج السينمائي لدفعها إلى الأمام".
ويرى مدير التصوير السعودي أن صناعة السينما في السعودية والخليج تحتاج إلى الكثير من الوقت حتى تصل إلى آلية الإنتاج في أميركا ودول أوروبا.
ويضيف ”نحتاج إلى تأسيس نقابات تحمي العاملين في المجال السينمائي وتضع آلية للكيفية التي يجب أن تجري بها الأمور، لكي تكون الصناعة أكثر تنظيما وتحافظ على حقوق العاملين من عقود وساعات عمل، ودفع رواتب العاملين وغيرها من الأمور“.
ويعتقد سلام أن السينما المستقلة حول العالم هي السينما الحقيقية، مبرّرا رأيه بقوله ”حيث لا أستوديو يلاحقك بتغيّر القصة وإجبارك على ممثل معيّن لأجل مردود مادي يعود على الشركة بالأرباح، حتى وإن كنت لست على قناعة به كأفضل من يؤدّي الشخصية“.
وشارك الفنان السعودي حسين سلام في ما يفوق 150 عملا فنيا خلال السبع سنوات الماضية تنوّعت بين أفلام قصيرة وإعلانات ومسلسلات قصيرة، وأفلام طويلة قدّمها بين الولايات المتحدة ودول الخليج، جمع فيها بين العمل كمنتج ومدير تصوير وإضاءة.