آل غريب: جائزة ”بن المقرب“ تجدد الحراك الأدبي
أكد الفائز بالمركز الأول لجائزة ”بن المقرب الأدبي“، في الشعر الفصيح الشاعر ياسر آل غريب، أهمية المسابقات الشعرية في ”تجدد الحراك الأدبي، وضخ دماء جديدة في أجواء التنافس“.
وذكر في حديثه الخاص لـ ”جهينة الإخبارية“ أنه توجه بأبياته ”ساعي بريد الشمس“ إلى سبر أغوار شخصية الشاعر علي بن المقرب العيوني، لما لها من أبعاد إنسانية ولأنها رمز شعري مرتبط بتاريخ القطيف والأحساء".
وعن توقعه بفوز النص، قال: ”للأمانة توقعت الفوز بمركز متقدم لاشتغالي المتأني عليه، ولم يسبق لي أن قرأت استحضار لهذه الشخصية حسب علمي وتتبعي“.
واحتوت القصيدة على 40 بيتًا، ذكر في مقدمتها "مهداة إلى الشاعر علي بن المقرب العيوني.. عدَّاء المسافات الشعرية الطويلة، الذي حمل الرسائل الضوئية، وطاف بها حول الغربة من بلد إلى آخر.
ساعي بريدِ الشمس
سرى خارجَ المعنى على صَهْوَةِ المنفى
ولم يَلْقَ في مَسْرَى طموحاتِهِ سَقْفَا
بأضدادِهِ تبدو حقيقةُ ذاتِهِ
فكيفَ بها يشقى؟ وكيفَ بها يشفى؟
قَدِ اسْتَقْرَأَ الأيَّامَ في كلِّ موقفٍ
ولمْ يَرَ في الدُّنْيَا سوى ظلِّهِ إلْفَا
ومن فَرْطِ ما يهوى التُّرَابَ وَكُنْهَهُ
تَوَحَّدَ بِ «الأحساءِ» في عشقِهِ الأوْفَى
ففي مُقْلَتَيْهِ نخلتانِ من الرُّؤَى
وفي قلبِهِ نبعٌ ترقرقَ واشْتَفَّا
إذا لمْ يَجِدْ مَاءً، ولمْ يَلْقَ تُرْبَة
تَمَسَّحَ بالمِصْبَاحِ في لحظةِ الزُّلْفَى!! ً
وصَلَّى صَلَاةً لا انتهاءَ لِوِرْدِها
كَرَحَّالةِ العِرْفَانِ في سَيْرِهِ خَفَّا
يُحَرِّكُ في الآفاقِ آياتِ حُلْمِه
فلمْ يَعْرِفِ التَّسْكِينَ يَومًا ولا الوَقْفَا
على مَوْقِدِ الذِّكْرَى يُقَلِّبُ مُهْجَة
فيأسَفُ كيفَ الدَّهْرُ أوْسَعَهُ عَسْفَا
وكيفَ تَخَلَّى الوقتُ عن لَوْنِ نَبْضِهِ
وأغْفَلَهُ الرَّاوي، وعن ذكرِهِ أغْفَى
لأحرفِهِ الحَمْرَاءِ رَدَّةُ فَعْلِهِا
تلاطمتِ النيرانُ إنْ قالَ: والَهْفَا..
من العَالَمِ الأقْصَى اسْتَمَدَّ هُوِيَّةً
وأَوْغَلَ في الأبعادِ؛ كي يرميَ الطَّرْفَا
وعاشَ غريبًا غُرْبَةَ الدُّرِّ في الحَصَى
وماجَ على الدُّنْيَا بإشعاعِهِ الأصْفَى
وكمْ رَوَّضَ الإعصارَ ترويضَ حاذقٍ
وصَيَّرَهُ وردًا شَمَمْنَا به العَرْفَا
مراياهُ في «بغدادَ» موصولةُ الهوى
بأخرى له في «الخَطِّ» فَتَّانَةِ المَرْفَى
حوى سرَّ «وادي عَبْقَرٍ» في فؤادِهِ
وما الشِّعْرُ إلا صُورَةُ العَالَمِ الأخْفَى
أميرُ القوافي.. حَسْبُ عينيهِ رفعة
إذا ما أتتْ كلُّ القوافي لهُ لَهْفَىً
مُحَيَّاهُ رَمْزُ الأرْيَحِيَّاتِ والنَّدى
متى غابَ نصفُ البدرِ أعْطَى لهُ نِصْفَا
قصائدُهُ / الأشجارُ في رَوْضَةِ العُلَا
فَجَاوِزْ لها الأبْرَاجَ؛ كي تعرفَ القَطْفَا
يُؤاخيهِ عن يمناهُ مستقبلُ المُنَى
وماضيهِ عن يسراهُ بالعذبِ ماجفّا
هُوَ الشَّاعرُ الكونيُّ.. ما إنْ تَحَرَّكَتْ
أناملُهُ إلا وجَفْنُ السَّمَا رَفَّا
وساعي بريدِ الشمسِ، يَحْمِلُ في الحَشَا
رسائلَهُ حتَّى يُنَاوِلَها الكَهْفَا
يؤنْسِنُ أبياتَ القصيدِ بجودِهِ
فيُهْدِي لها عينًا.. ويُهْدِي لها كَفَّا
منارُ «العُيونيينَ» فعلًا وحكمةً
وأنضجُهُمْ فكرًا، وأنبلُهُمْ لُطْفَا
”وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً“
فكم ذاقَ من أهليهِ كأسَ الأسَى صِرْفَا
فصُودِرَ منهُ الضوءَ، واقتيدَ رأيُهُ
وقيدُ الدُّجَى في معصميهِ قدِ الْتَفَّا
ولكنَّ روحًا بينَ جنبيهِ حُرَّةً
تَمَتْرَسَ فيها الوَعْيُ، لم ترهبِ القَصْفَا
جَوَارِحُهُ أصْغَتْ إلى ظلِّ طائر
ليتركَ أصداءَ انْكِسَارَاتِهِ خَلْفَا
وطافَ طوافَ «السِّنْدِبَادِ» على المَدَى
وهَاجَرَ نَحْوَ المَجْدِ يَسْتَعْذِبُ الكَشْفَا
وقدْ كانَ يا ماكانَ.. لاشيءَ عِنْدَهُ
سوى الأَمَلِ الرَّيَّانِ يهوى له رَشْفَا
قَضَى عُمْرَهُ في لُجَّةِ الحَقِّ كادِحًا
ولا تسألوني عَنْهُ: كمْ عاشَ بلْ كيفَا؟
تُؤولُهُ الأذْهَانُ حتَّى تَعَطَّلَتْ
وفي لوحةِ التكوينِ كمْ أتعبَ الوَصْفَا!
بداخِلِهِ سرُّ الوثائقِ ينطوي
فكمْ كانَ في أضْلَاعِهِ يَكْتُبُ الصَّحْفَا!
وظلَّ معَ التَّاريخِ شَاهِدَ عَصْرِهِ
بعينٍ رَأَتْ مِنْ حَوْلِهَا النَّزْعَ والحَتْفَا
تَقَاسَمَهُ النَّاسُ اختلافًا وفُرْقَةً
فَكَلٌّ على معناهُ من جوفِهِ أضْفَى
ولكنَّهُ الإنسانُ في كلِّ حالة
ألمْ تَرَ قوسَ اللهِ يحتضنُ الطَّيْفَا؟!
سلامًا على «ابنِ القريتينِ» إذا انتمى
وأشْعَلَ آفاقَ الدُّنَا كُلَّهَا عَزْفَا
تَصَوَّفَ بالغَيْمَاتِ حتَّى إذا هَمَى
سقى الأرضَ تَحْنَانًا وأتْرَعَهَا عَطْفَا
إذا افْتُقِدَتْ لـ «ابنِ المُقَرَّبِ» سيرةٌ
كما اللغة الفُصْحَى إذا افْتَقَدَتْ حَرْفَا
كأنَّ هُنَا «تَمُّوزَ» غابَ ولمْ يَعُدْ
فكانَ على «عِشْتَارَ» أنْ تَذْرِفَ النَّزْفَا
يذكر أن الشاعر ياسر آل غريب حاصل على العديد من الجوائز الشعرية، ومنها ”جائزة القطيف للإنجاز، جائزة البردة أبو ظبي، جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم - عجمان، وغيرها من جوائز الأندية الأدبية في المملكة مثل نادي الرياض، ونادي تبوك، ونادي جدة، ونادي الحدود الشمالية، ونادي جازان“.













