السيد الخباز يحذر من استغلال الدين في اثارة الحروب..
أكد السيد منير الخباز على حاجة الشعوب للسلم الاجتماعي وأهميته في تدعيم قوة المجتمعات واستقرارها.
وتطرق خلال محاضرة بمأتم الزهراء بصفوى، إلى عناصر السِّلم الإجتماعي كما جاءت في كتاب خالد البديوي ”الحوار وبناء السِّلم الاجتماعي“ وتتمثل في ”الأمن والاستقرار، مجتمع بلا مشاكل ولا اعتداءات، العدالة، تطبيق الحقوق المتساوية، الاحترام، احترام كل طرف الآخر واعتباره مثله“.
وذكر أن المجتمعات القوية هي المنتجة، وتفرض نفسها بالقوة الناعمة، ويصعب السيطرة عليها، مبيناً بعض أوجه الإنتاج في الفن والمعرفة والقدرات المهنية، وأنه مثلث لأهم أوجه الحضارة بالإضافة إلى الفن والإبداع.
ولفت إلى أن الإنتاج يتطلب بيئة آمنة تسبق تطبيق العدالة، معدداً بعض أساليبها في الخطاب التصالحي الذي يحترم فيه الكل الآخر وموقعه، ومد جسور الثقة بينهما، وحسن الظن بتقديم الخدمات، والتعاون، ثم تأتي العدالة.
وبين أن الصراع والإحتراب أمر طارئ على فطرة الإنسان التي تتوق بطبعها للاجتماع والتعاون والألفة وحب الآخر ”إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا“.
ودعا إلى ضرورة نشر ثقافة السِّلم الإجتماعي في كل المفردات، ابتداءاً من الأولية ”كالمواطنة والهوية والإنتماء“ مواطنتك انسانيتك، هويتك بمقدار تطبيقها، إنتماءك لمحيط الإنسانية وجذورها".
وأوضح أن ”فلسفة السِّلم الإجتماعي“ بحسب علم الإجتماع تنبني على ”إعادة المختلفين إلى جذورهم الإنسانية من القيم الأصيلة“، وهو يتفوق على مفهوم ”التسامح“ الذي هو ”هدنة مؤقتة لتخفيف حدة التوتر بين المتخاصمين“.
ونوه بأن السِّلم الإجتماعي ”لا يسعى لمحو الاختلاف بين الأفراد“، وهو أمر طبيعي نتيجة لاختلاف المستوى الفكري والثقافي والإجتماعي بينهم، بل يهتم بإدارته إنسانياً ”بالتكامل“ فباختلاف الرؤى تتكامل الأمم وتضيف لبعضها.
وأكد السيد الخباز أهمية ”الحوار“ كمبدأ لترسيخ السِّلم الإجتماعي، متطرقاً إلى قول للاهوت الألماني هانس كونج ”لا يتحقق سلام بين الأمم حتى يتحقق سلام بين الأديان، ولا يتحقق سلام بين الأديان حتى يكون حوار بينهما“.
وحذر من استغلال الدين في إقامة الحروب، منوهاً بأن العديد منها قامت باسمه، كغطاء للاستئثار بالموارد والثروات، كالحروب الصليبية.
وحذر من الخلافات الدينية التي تحدث بين المتدينين أنفسهم وإشغالهم المجتمع بقضايا هامشية، بدلاً من التأصيل للبناء الفكري الديني، وأثرها السلبي في تنفير الشباب منه.
وتطرق إلى ثلاث عناصر تدعم ”السِّلم الاجتماعي“ في منظومة الدين الفكرية ”البنائي، التربوي، القيادي“.
وبين أن الإسلام بنى المجتمع على أربعة أركان: ”العدل، والتعاون، والأخوة، والشهادة“، ”إن الله يأمر بالعدل والإحسان، إنما المؤمنون إخوة، وتعاونوا على البر والتقوى، لتكونوا شهداء على الناس“ في تطبيق العدالة وتحقيق المجتمع الآمن.
وفي الجانب ”التربوي“ اهتم الإسلام بالتحية وردها ”ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السَّلم لست مؤمناً“، تربية الخواطر والظنون ”اجتنبوا كثيرا من الظن، الكلمة الطيبة“ ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً، وفي التعامل الحسن ”ادفع بالتي هي احسن“.
في الجانب ”القيادي“ أبرم رسول الله ص وثيقة التعايش مع اليهود في المدينة، وآخى بين الأوس والخزرج، ورفع راية الأمن للجميع يوم فتح مكة.
وذكر أن البعض يأخذ على الإسلام أنه لا يراعي ثقافة السِّلم الإجتماعي، كما في فقه الأقليات وموضوع ”الجزية، وحصر القيادة في المجتمع المسلم بالمسلم“.
وبرر ذلك في أن الجزية هي بمثابة الزكاة التي يدفعها المسلم وهي أقل نسبة منها حتى، وكلتاهما تدفعان لتمكين الدولة من تقديم الحماية، والإستفادة من الثروات، وفرص العمل.
وبين أن قيادة المسلم للمجتمع المسلم، تعود لكونه الأعرف بنفسياتهم وتوجهاتم والأقدر على قيادتهم، وهو مبدأ إنساني عالمي معمول به في كل العالم.
وتطرق إلى القيم الأصيلة في شخصية الإمام الحسن ع والتي تجعله في أرقى مراتب الإنسان الإجتماعي من ”الحلم، والكرم، والسِّلم“ لافتاً إلى إنجازه الكبير في مشروع الصلح مع معاوية والذي أقدم عليه من منطق ”القوة لا الضعف، والحكمة لا التخاذل“.
وبين بعض منطلقاته من ذلك في ”صيانة موقع القيادة الإسلامية من الإذلال، الإهتمام بالمخبر لا المظهر بالإبقاء على الثلة المؤمنة، ترك الحق الخاص للعام“ هو حق لي تركته لإصلاح أمر الأمة وحقناً لدمائها ".













